قام أحمد، الناصر لدین الله العباسى فى سنة 606 فعمر القبة و المآذن
و زین الروضة الشریفة، و جدد بناء السرداب المعروف ب (سرداب الغیبة).
و قد ذکرنا فى کتاب (الامام المهدى من المهد الى الظهور) کلمة حول هذا السرداب نذکرها هنا رعایة للمناسبة.
ان أکثر البیوت و المساکن فى المناطق الحارة فى العراق، کانت و لا تزال مزودة بالسرداب، (و هو الطابق المبنى تحت الأرض، یلجأ الیه من حر الصیف).
و کانت دار الامامین العسکریین (علیهماالسلام) فى مدینة سامراء أیضا مزودة بالسرداب.
و السرداب لا یزال موجودا فى جوار مرقد الامامین: الهادى و العسکرى (علیهماالسلام) و من الطبیعى أن بناءه قد تجدد خلال هذه القرون، ولکن المکان لم یتغیر،
و الزوار یحترمون هذا السرداب لشرافته و قدسیته، و یتبرکون به لأنه کان مسکنا لثلاثة من أئمة أهل البیت (علیهمالسلام) و هذا هو الشأن فى بیوت النبى و الأئمة (علیهم الصلاة و السلام) حیث أنها بیوت مبارکة، و قد أذن الله أن ترفع و یذکر فیه اسمه؛
و لهذا فان المسلمین الشیعة یصلون لله هناک و یزورون، و لا یعتقد أحد منهم أن الامام المهدى (علیهالسلام) یعیش و یسکن فى ذلک السرداب، أو أنه یظهر منه؛
فالسرداب لیس الا مکان اکتسب الشرف و البرکة، و کأنهم یتمثلون بقول الشاعر:
«و ما حب الدیار شغفن قلبى++
ولکن حب من سکن الدیارا»
هذه خلاصته قضیة السرداب و حدیثه، ولکن تعال معى و انظر الى الکذابین الدجالین الذین کانوا و لا یزالون یهرجون باسم السرداب، و یستهزئون بالشیعة الذین یعتقدون بغیبة الامام المهدى (علیهالسلام) فى السرداب، مع العلم أنه لا یوجد – و لم یوجد – أحد من الشیعة یعتقد بأن الامام المهدى (علیهالسلام)
غاب فى السرداب، أو أنه ساکن و مقیم فیه.
ولکن المنحرفین و المستهزئین یکتبون ما یریدون، و یقولون ما یشتهون بلارادع دینى، و لا حیاء و لا خجل من الناس، و لا خوف من الله تعالى.
و قد بلغ الجهل و الحقد بأحدهم الى أن ینظم شعرا فى هذا الموضوع، و یقول:
«ما آمن للسرداب أن یلد الذى++
سمیتموه بزعمکم انسانا»؟
و قد بقیت هذه الاکذوبة – خلال هذه القرون – تنتقل من کاتب الى مؤلف، و من جاهل الى حاقد، و من کذاب الى دجال، و تتطور فى عالم الوهم و الخیال، حتى بلغ الجهل بأحدهم أن یذکر فى کتابه: ان السرداب (المزعوم!) فى مدینة الحلة فى العراق! مع العلم ان المسافة بین الحلة و سامراء حوالى 300 کیلوم متر.
و یأتى آخر، و یضیف الى هذه الاکذوبة – من نسج خیاله – تهمة اخرى و افتراء آخر، فیقول: ان الشیعة یأتون – فى کل جمعة – بالسلاح و الخیول الى باب السرداب، و یصرخون و ینادون: یا مولانا اخرج الینا!
و یالیت هؤلاء المنحرفین اتفقوا – فى هذه الاکذوبة – على قول واحد، حتى لا تنکشف سوءتهم، و لا تتساقط أقنعتهم المزیفة، ولکن أبى الله الا أن یظهر الحق و یدمغ الباطل و یفضحه؛
فتراهم یتفرقون على أقوال متناقضة، فیقول أحدهم: ان هذا السرداب فى الحلة، و یقول آخر: انه فى بغداد، و یقول ثالث: انه فى سامراء، و یأتى القصیمى من بعدهم، فلا یدرى این هو؟ فیطلق لفظ السرداب. لیستر سوءته.
أما نحن فلا نعلق على هذه الأکاذیب و الافترائات الا بکلمة: «ألا: لعنة الله على الکاذبین… ألا: لعنة الله على کل مفتر أفاک.
و توجد فى آخر السرداب صفة، علیها باب خشبى قدیم، باق الى یومنا هذا منقوش علیه من داخل الصفة:
«بسم الله الرحمن الرحیم، محمد رسول الله، أمیرالمؤمنین، على ولى الله، فاطمة، الحسن بن على، الحسین بن على، على بن الحسین، محمد بن على، جعفر بن محمد، موسى بن جعفر، على بن موسى، محمد بن على، على بن محمد، الحسن بن على، القائم بالحق (علیهمالسلام) هذا عمل على بن محمد، ولى آل محمد رحمه الله».
و منقوش على ظاهر الشباک:
«بسم الله الرحمن الرحیم، قل لا أسئلکم علیه أجرا الا المودة فى القربى، و هذا ما أمر بعمله: سیدنا و مولانا… أبوالعباس أحمد الناصر لدین الله، أمیرالمؤمنین… من سنة ست و ستمائة الهلالیة، و حسبنا الله و نعم الوکیل، و صلى الله على سیدنا خاتم النبیین، و على آله الطاهرین، و عترته و سلم تسلیما».
و کانت هذه الصفة موضع حوض فى أیام الامامین العسکریین (علیهماالسلام).