بعد أن دفن الامام الهادى (علیهالسلام) فى حجرة من حجرات بیته، أو فى صحن داره بأمر المعتمد العباسى، و ازداد المکان به شرفا و قداسة، و کرامة، دفن ابنه الامام العسکرى (علیهالسلام) أیضا بجنب مرقد والده.
ثم توفى منهم من توفى کالسیدة الجدة والدة الامام العسکرى، ثم السیدة حکیمة عمة الامام، و السیدة نرجس، و الحسین بن الامام على الهادى، و أبىهاشم الجعفرى و غیرهم، و دفنوا بجوار المرقدین الشریفین.
و من ذلک الیوم الى هذا الیوم دفن حوالى تلک المراقد جم غفیر، و جمع کثیر من العلماء و الامراء، و الشخصیات المرموقة؛
و قد طرأت تغییرات على ذلک المشهد، من هدم و بناء و توسیع، نذکر بعض ذلک مع رعایة الاختصار:
ان الدار التى کان الامام الهادى (علیهالسلام) یسکنها مع عائلته فى سامراء اشتراه من دلیل بن یعقوب النصرانى، و عاش فیها، و دفن فى وسط الدار، ثم دفن بعض رجالات الاسرة و سیداتها.
و حدثت حوادث فى مدینة سامراء فى ایام المعتمد، و هاجر الکثیرون من الناس، فبعد أن کانت مدینة سامراء من اکبر بلاد العالم و أجملها، و أکثرها ازدهارا فاذا بها انقلبت الى مدینة مهجورة، قل ساکنوها، و بقیت محله
(العسکر) مأهولة.
و کانت دار الامام التى انتقلت الى اولاده، و أحفاده لم یسکن فیها أحد من الاسرة سوى مولانا الامام المهدى (علیهالسلام).
ففى سنة 280 أرسل المعتضد العباسى من بغداد جماعة الى سامراء لاقتحام دار الامام، و القاء القبض على الامام المهدى و حمله الى بغداد.
فاستعان الامام المهدى (علیهالسلام) بالمعجزة، فترائى البیت – لتلک الجماعة – کأنه بحر، و رأوا فى أقصى البیت الامام المهدى و هو قائم یصلى على حصیر.
فاقتحم أحد الجماعة البحر، فغرق فى الماء و اضطرب، فأنقذه أصحابه، و أراد الثانى أن یفعل ما فعله الأول، فجرى علیه ما جرى على الأول.
فرجعت الجماعة خائبین، و بائوا بالفشل، و بعد ذلک مات المعتضد.
فنصبوا على حائط الدار شباکا مشرفا على الشارع، و کان بعض الناس یزور الامامین (علیهماالسلام) من وراء الشباک، و لا یدخل البیت.
حتى صارت سنة 328 و لم یبق من مدینة سامراء الا خان و بقال للمارة، و سقطت سامراء عن مرکزیتها، و فقدت جمالها و بهاءها؛
فتعین بعض الناس فى بغداد لیقوموا بسدانة تلک الروضة، فکان اولئک الأفراد یرافقون الزوار الى سامراء، و یرجعون معهم.