المفسر الاسترابادى، الجرجانى، یکنى أباالحسن، و هو الذى یروى التفسیر المنسوب الى الامام الحسن العسکرى (علیهالسلام) عن رجلین من أصحاب الامام.
و قد وعدنا القراء أن نذکر کلمة حول هذا التفسیر الذى وقع مورد الخلاف بین العلماء الرجالیین منذ قرون، و الیک هذه الکلمة المتواضعة:
یوجد تفسیر ینسب الى الامام العسکرى (علیهالسلام) و قد اضطربت الأقوال، و اختلفت الأقلام من المحدثین و المفسرین و الفقهاء و الرجالیین حوله، مع العلم انه لا یوجد منه سوى تفسیر سورة الحمد، و شىء من سورة البقرة، و أما بقیة أجزاء التفسیر فهى مفقودة؛
و التفسیر یروى عن الحسن بن خالد البرقى عن الامام العسکرى (علیهالسلام) و یروى عن محمد بن القاسم الاسترابادى الجرجانى، عن یوسف بن محمد، و على بن محمد بن یسار أو سیار عن الامام العسکرى (علیهالسلام)؛
فهناک ثلة من علماء الرجال و المحدثین الذین قد ضعفوا هذا التفسیر من ناحیة السند و بعضهم من ناحیة المتن، و بعضهم من ناحیة السند و المتن جمیعا؛
و بعضهم یوثقون التفسیر، و یعتمدون على السند و المتن.
و لکل من الفریقین أدلة و حجج و براهین قابلة للمناقشة، و هذا معرکة علمیة بین أبطال العلم و المعرفة، و علماء الرجال و الدرایة، فالأفضل نقل آراء الفریقین، فأقول:
ان أول من ضعف هذا التفسیر من ناحیة السند و المتن: هو أحمد بن الحسین الغضائرى فى کتابه (الضعفاء) فان قال: محمد بن القاسم المفسر الاسترابادى – روى عنه أبوجعفر ابن بابویه [الصدوق] – ضعیف کذاب، روى
[الصدوق] عنه [محمد بن القاسم] تفسیرا عن رجلین مجهولین، أحدهما یعرف بیوسف بن محمد بن زیاد، و الآخر على بن محمد بن سیار، عن أبیهما، عن ابىالحسن الثالث [الهادى] (علیهالسلام)، و التفسیر موضوع عن سهل الدیباجى عن أبیه، بأحادیث منکرة.
أقول: لا یخفى أن هذا الکلام مضطرب و مشوش و غیر واضح، لما یلى:
1 – المعروف بین علماء الرجال ان اسناد الکتاب الى ابنالغضائرى غیر ثابت، اذن، فکل کلام فى کتاب ابنالغضائرى مشکوک فیه لعدم ثبوت اسناد الکتاب الیه، فلا اعتماد على ما نقل عنه توثیقا أو تضعیفا؛
2 – ان التفسیر غیر مروى عن سهل الدیباجى عن أبیه، و لیس سهل الدیباجى فى سند الحدیث حتى یطعن فیه من هذه الناحیة.
3 – ان التفسیر منسوب الى الامام الحسن العسکرى (علیهالسلام) لا الى الامام أبىالحسن الثالث [الهادى] (علیهالسلام) کما زعمه ابنالغضائرى فى الکتاب المنسوب الیه، و یالیته ذکر مصدر قوله من ان محمد بن القاسم المفسر ضعیف کذاب!!
مع العلم أن کتب الرجال خالیة عن تضعیفه و توثیقه، و آخر ما یقال فى حقه: انه مجهول. فکیف یکون المجهول کذابا ضعیفا؟!
و تبعه على هذا التضعیف أکثر من تأخر عنه من علماء الرجال، کالعلامة الحلى فى (الخلاصة) و التفرشى فى (نقد الرجال) و المحقق الداماد فى (شارع النجاة) و الاسترابادى فى (منهج المقال) و الأردبیلى فى (جامع الرواة) و القهبائى فى (مجمع الرجال) و الشیخ محمد جواد البلاغى فى رسالة خاصة حول التفسیر، و التسترى (المعاصر) فى (الأخبار الدخیلة) و السید الخوئى فى (معجم رجال الحدیث) و غیر هؤلاء.
و أکثر هؤلاء یتبعون ابنالغضائرى فى تضعیف هذا التفسیر سندا و متنا، ولکل من هولاء آراء و تعلیقات مشروحة فى کتبهم، و لا مجال – هنا – للتفصیل.
و اما القائلون بصحة هذا التفسیر سندا و متنا، فأولهم:
الشیخ الصدوق فى کثیر من مؤلفاته، فانه روى عن هذا التفسیر الشىء الکثیر، لانه یعتمد على التفسیر، و لا یرى تضعیفه.
و أکثر من تأخر عن الشیخ الصدوق انما اعتمد على التفسیر تبعا للشیخ الصدوق الثقة، أمثال: القطب الراوندى، و ابنشهراشوب، و المحقق الکرکى و الشهید الثانى، والمجلسیان: الأول و الثانى، و الحر العاملى، و الفیض الکاشانى، و البحرانى صاحب (البرهان) و صاحب (الذریعة) و غیرهم من الرجالیین.
و بین هذین الجانبین کر و فر، و تزییف و تضعیف لأقوال کل منهما؛
و لعل خیر الأقوال و أصحها أن نقول: ان التفسیر فیه غث و سمین، و صحیح و سقیم، و مقبول و مردود، فلا یمکن توثیقه بالکلیة، و لا تضعیفه بالکلیة.
و کل ما کان من الأحادیث الموجودة فى هذا التفسیر مطابقا للأحادیث الصحیحة أو مؤیدة بها یعمل بها.
و کل ما کان فیها من الأحادیث الشاذة التى تثیر الشک فینبغى التوقف فیها!!
هذه کلمة ملخصة موجزة حول التفسیر المنسوب الى الامام العسکرى (علیهالسلام) ذکرناها مع الحیاد و عدم التطرف، والله العالم.