کان من أصحاب الامام العسکرى (علیهالسلام) کما فى (الکافى) بسنده عن أحمد بن الحارث القزوینى قال:
کنت مع أبى بسر من رأى، و کان أبى یتعاطى البیطرة (1) فى مربط أبىمحمد.
قال: و کان عند المستعین بغل لم یر مثله حسنا، و کبرا، و کان یمنع ظهره، و اللجام و السرج (2) و قد کان قد جمع علیه الراضة (3) فلم یمکن لهم حیلة فى رکوبه.
فقال له بعض ندمائه: یا أمیرالمؤمنین! ألا تبعث الى الحسن بن الرضا (أى الامام العسکرى) حتى یجىء، فاما أن یرکبه [الامام]، و اما أن یقتله أى (البغل یقتله) فتستریح منه!
قال: فبعث الى أبىمحمد، و مضى معه أبى، فقال أبى:
لما دخل أبومحمد الدار کنت معه، فنظر أبومحمد الى البغل واقفا فى صحن الدار، فعدل الیه، فوضع بیده على کفله.
قال: فنظرت الى البغل، و قد عرق، حتى سال العرق منه.
ثم صار الى المستعین، فسلم علیه، فرحب به و قرب، فقال: یا أبامحمد ألجم هذا البغل! فقال أبومحمد – لأبى -: ألجمه یا غلام. فقال المستعین: ألجمه أنت.
فوضع طیلسانه (4) ثم قام فألجمه، ثم رجع الى مجلسه و قعد.
فقال له (المستعین): یا أبامحمد أسرجه. فقال – لأبى -: یا غلام اسرجه.
فقال (المستعین): أسرجه أنت. فقام ثانیة فأسرجه و رجع، فقال له: ترى أن ترکبه؟
فقال: نعم. فرکبه من غیر أن یمتنع علیه، ثم رکضه فى الدار، ثم حمله على الهملجة (5) فمشى أحسن مشى یکون، ثم رجع، و نزل.
فقال له المستعین: یا أبامحمد کیف رأیته؟ قال: یا أمیرالمؤمنین (6) ما رأیت مثله حسنا و فراهة (7) و ما یصلح أن یکون مثله الا لأمیرالمؤمنین.
قال: فقال (المستعین): یا أبامحمد، فان أمیرالمؤمنین قد حملک علیه (8).
فقال أبومحمد – لأبى -: یا غلام خذه. فأخذه أبى فقاده (9).
أقول: الظاهر وقوع السهو فى (المستعین) و الأصح: المعتز، لأن المستعین قتل فى عصر الامام الهادى (علیهالسلام) و لم یدرک عصر الامام العسکرى أى أیام امامته.
1) البیطرة: معالجة الدابة، و تسمیر نعالها، و یقال للذى یقوم بهذا العمل: بیطار.
2) أى کان یمنع ان یرکبه أحد و أن یضع أحد السرج على ظهره و اللجام فى فمه.
3) الراضة: جمع رائض و هو الذى یذلل المهر و یسخره و یجعله مطیعا، و یعلمه السیر.
4) الطیلسان: ثوب یحیط بالبدن، خال عن التفصیل و الخیاطة.
5) الهملجة: نوع من المشى، و هو السهل السریع.
6) قد ذکرنا – فیما مضى – کلمة حول خطاب الأئمة (علیهمالسلام) الحکام بکلمة: (یا أمیرالمؤمنین).
7) الفراهة: النشاط و الخفة.
8) حملک: أى اعطاک لترکبه.
9) الکافى ج 1 / 507.
