الأحوص، الأشعرى، القمى (أبوعلى).
عده الشیخ من أصحاب الامام الجواد و الامام الهادى و الامام العسکرى (علیهالسلام).
بل هو من خواص الامام العسکرى، و تشرف برؤیة الامام الحجة المهدى (علیهالسلام).
و کان شیخ القمیین و وافدهم (1) و کان من الوکلاء و السفراء؛
له مؤلفات عدیدة فى علل الصلاة و (المسائل) التى سأل عنها الرجال من الامام الهادى (علیهالسلام).
و یوجد فى مدینة قم مسجد یعرف بمسجد الامام العسکرى (علیهالسلام) و المشهور بین الناس انه اجتمع عند أحمد بن اسحاق مقدار من الأموال العائدة الى الامام العسکرى، و لم یکن للشیعة – یومذاک – مسجد فى مدینة قم، فکتب أحمد بن اسحاق الى الامام العسکرى (علیهالسلام) یستأذنه فى أن یصرف تلک الأموال فى بناء مسجد للشیعة، فأذن له الامام، و بنى المسجد، و قد اضیفت الى ذلک المسجد اضافات کثیرة، و هو الیوم من المساجد الکبیرة المشهورة، و بینه و بین مرقد السیدة فاطمة المعصومة بنت الامام موسى بن جعفر (علیهماالسلام) حوالى خمسمائة متر.
فى (اکمال الدین) بسنده عن أحمد بن اسحاق بن سعد الأشعرى قال:
«دخلت على أبىمحمد: الحسن بن على (علیهمالسلام) و أنا ارید أن أسألة عن الخلف بعده؟.
فقال لى – مبتدئا -: یا أحمد بن اسحاق! ان الله (تبارک و تعالى) لم یخل الأرض – منذ خلق آدم (علیهالسلام) و لا یخلیها الى أن تقوم الساعة – من حجة لله على خلقه، به یدفع البلاء من أهل الأرض، و به ینزل الغیث، و به یخرج برکات الأرض؛ فقلت له: یابن رسول الله! فمن الامام و الخلیفة بعدک؟
فنهض (علیهالسلام) مسرعا، فدخل البیت ثم خرج، و على عاتقه غلام کأن وجهه القمر لیلة البدر، من أبناء ثلاث سنین؛ فقال: یا أحمد بن اسحاق! لولا کرامتک على الله (عزوجل) و على حججه ما عرضت علیک ابنى هذا!!
انه سمى رسول الله (صلى الله علیه و آله) و کنیه، و الذى یملأ الأرض قسطا و عدلا کما ملئت جورا و ظلما؛ یا أحمد بن اسحاق! مثله فى هذه الامة مثل الخضر (علیهالسلام)، و مثله: مثل ذى القرنین؛ و الله لیغیبن غیبة لا ینجو من الهلکة فیها الا من ثبته الله (عزوجل) على القول بامامته، و وفقه فیها للدعاء بتعجیل فرجه.
فقال أحمد بن اسحاق: فقلت: فهل من علامة یطمئن الیها قلبى؟
فنطق الغلام [الامام المهدى] (علیهالسلام) بلسان عربى فصیح فقال:
«أنا بقیة الله فى أرضه، و المنتقم من أعدائه، و لا تطلب أثرا بعد عین، یا أحمد بن اسحاق!
قال أحمد بن اسحاق: فخرجت مسرورا فرحا؛ فلما کان من الغد عدت الیه، فقلت: یابن رسول الله! لقد عظم سرورى بما مننت على فما السنة الجاریة فیه من الخضر و ذى القرنین؟
قال: طول الغیبة، یا أحمد.
قلت: یابن رسول الله! و ان غیبته لتطول؟
قال: اى و ربى، حتى یرجع عن هذا الأمر أکثر القائلین به، و لا یبقى الا من أخذ الله (عزوجل) عهده بولایتنا، و کتب فى قلبه الایمان، و أیده، بروح منه؛ یا أحمد بن اسحاق! هذا أمر من أمر الله، و سر من سر الله، و غیب من غیب الله فخذ ما آتیتک و کن من الشاکرین، تکن معنا غدا فى علیین (2).
و روى الصدوق فى (اکمال الدین) بسنده عن أحمد بن الحسن (3) بن اسحاق القمى، قال:
«لما ولد الخلف الصالح [الامام المهدى] علیهالسلام ورد عن مولانا أبىمحمد، الحسن بن على – (علیهماالسلام) – الى جدى أحمد بن اسحاق کتاب، فاذا فیه مکتوب بخط یده (علیهالسلام) الذى کان ترد به التوقیعات علیه، و فیه:
«ولد لنا مولود، فلیکن عندک مستورا، و عن جمیع الناس مکتوما، فانا لم نظهر علیه الا الأقرب لقرابته، و الوالى لولایته، احببنا اعلامک لیسرک الله به مثل ما سرنا به، و السلام» (4).
و عن أحمد بن اسحاق بن عبدالله الأشعرى قال: سمعت أبامحمد: الحسن بن على العسکرى (سلام الله علیه) یقول:
«الحمدلله الذى لم یخرجنى من الدنیا حتى أرانى الخلف من بعدى، أشبه الناس برسول الله (صلى الله علیه و آله) خلقا و خلقا، یحفظه الله (تبارک و تعالى) فى غیبته، ثم یظهره فیملأ الأرض قسطا و عدلا، کما ملئت ظلما و جورا» (5).
و فى (الکافى) بسنده عن أحمد بن اسحاق قال:
دخلت على أبىمحمد (علیهالسلام) فسألته أن یکتب لى لأنظر الى خطه فأعرفه اذا ورد.
فقال: نعم، ثم قال: یا أحمد! ان الخط سیختلف علیک من بین القلم الغلیظ الى القلم الدقیق، فلا تشکن؛ ثم دعا بالدواة، فکتب، و جعل یستمد الى مجرى الدواة (6) فقلت – فى نفسى (و هو یکتب) -: أستوهبه القلم الذى یکتب به.
فلما فرغ من الکتابة أقبل یحدثنى و هو یمسح القلم بمندیل الدواة ساعة، ثم قال: «هاک یا أحمد» فناولنیه؛ فقلت: جعلت فداک! انى مغتم لشىء یصیبنى فى نفسى، و قد أردت أن أسأل أباک فلم یقض لى؛ فقال: و ما هو یا أحمد؟
فقلت: یا سیدى! روى لنا عن آبائک: ان نوم الأنبیاء على أقفیتهم (7) و نوم المؤمنین على أیمانهم، و نوم المنافقین على شمائلهم، و نوم الشیاطین على وجوههم!
فقال: «کذلک هو» فقلت: یا سیدى! فانى أجتهد أن أنام على یمینى فما یمکننى و لا یأخذنى النوم علیها؛ فسکت ساعة ثم قال: «یا أحمد ادن منى» فدنوت منه فقال:
«أدخل یدک تحت ثیابک» فأدخلتها، فأخرج یده من تحت ثیابه، و أدخلها تحت ثیابى فمسح بیده الیمنى على جانبى الأیسر، و بیده الیسرى على جانبى الأیمن ثلاث مرات؛
فقال أحمد: فما أقدر أن أنام على یسارى منذ فعل ذلک بى (علیهالسلام) و ما یأخذنى نوم علیها أصلا (8).
و فى (تاریخ قم) للحسن بن محمد القمى قال:
رویت عن مشایخ قم: ان الحسین بن الحسن بن جعفر بن محمد بن اسماعیل بن جعفر الصادق (علیهالسلام) کان بقم، یشرب الخمر علانیة، فقصد یوما، لحاجة – باب أحمد بن اسحاق الأشعرى و کان وکیلا فى الأوقات بقم، فلم یأذن له، و رجع [الحسین] الى بیته مهموما؛ فتوجه أحمد بن اسحاق الى الحج، فلما بلغ سر من رأى [فى طریقه الى الحج أو رجوعه منه] استأذن على أبىمحمد: الحسن العسکرى (علیهالسلام) فلم یأذن له؛ فبکى أحمد لذلک طویلا، و تضرع حتى أذن له، فلما دخل قال: یابن رسول الله لم منعتنى الدخول علیک؟ و أنا من شیعتک و موالیک.
قال (علیهالسلام): طردت ابن عمنا عن بابک!
فبکى أحمد، و حلف بالله انه لم یمنعه من الدخول علیه الا لأن یتوب من شرب الخمر.
قال: «صدقت، ولکن لابد من اکرامهم و احترامهم على کل حال، و ان لا تحقرهم، و لا تستهین بهم، لانتسابهم الینا فتکون من الخاسرین».
فلما رجع أحمد [بن اسحاق] الى قم أتاه أشرافهم، و کان الحسین معهم، فلما رآه أحمد و ثب الیه و استقبله و أکرمه، و أجلسه فى صدر المجلس.
فاستغرب الحسین ذلک منه و استبدعه، و سأله عن سببه، فذکر [أحمد] له ما جرى بینه و بین العسکرى (علیهالسلام) فى ذلک.
فلما سمع [الحسین] ذلک، ندم من أفعاله القبیحة و تاب منها، و رجع الى بیته و أهرق الخمور، و کسر آلاتها، و صار من الأتقیاء المتورعین، و الصلحاء
المتعبدین، و کان ملازما للمساجد، معتکفا فیها حتى أدرکه الموت، و دفن قریبا من فاطمة [المعصومة] رضى الله عنها فى قم (9).
و فى (اکمال الدین) بسنده عن أحمد بن اسحاق قال: دخلت على مولانا أبىمحمد: الحسن بن على (علیهالسلام) فقال: «یا أحمد! ما کان حالکم فیما کان فیه الناس من الشک و الارتیاب؟» فقلت له: یا سیدى! لما ورد الکتاب لم یبق منا رجل و لا امرأة و لا غلام بلغ الفهم الا قال بالحق.
فقال: أحمد الله على ذلک، یا أحمد! أما علمتم ان الأرض لاتخلو من حجة؟ و انا ذلک الحجة أو قال: أنا الحجة (10).
و فى کتاب (عیون المعجزات) هذا الخبر هکذا: «لما ورد الکتاب بخبر مولد سیدنا (علیهالسلام)… الى آخره.
1) الوافد: الذى یأتى الأئمة (علیهمالسلام) من جانب القوم و یأخذ المسائل من الأئمة.
2) اکمال الدین / 384، باب 38.
3) و فى نسخة أحمد بن الحسن بن أحمد بن اسحاق.
4) اکمال الدین / 433 باب 42 ما روى فى میلاده ح 16.
5) اثبات الهداة ج 3 / 569 عن اثبات الرجعة، و رواه فى (اکمال الدین) باب ما أخبر به العسکرى حدیث 7.
6) اى یطلب المداد (الحبر) من قعر الدواة و هى المحبرة أى یدخل القلم الى قعر الدواة حتى ینغمس فى الحبر.
7) أقفیة جمع قفا، أى ینامون على ظهورهم، لتوجههم الى السماء انتظارا للوحى.
8) الکافى ج 1 / 513.
9) البحار ج 50 / 323.
10) اکمال الدین 1 / 222 باب 22 حدیث 9.