جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

الحکام المعاصرون للامام العسکرى

زمان مطالعه: 4 دقیقه

لقد عاصر الامام العسکرى (علیه‏السلام) – فى حیاة والده: الامام الهادى (علیه‏السلام) – کلا من الواثق و المتوکل و المنتصر و المستعین و المعتز؛

و عاصر فى أیام امامته شهورا من ایام المعتز، ثم المهتدى، ثم المعتمد.

و قد ذکرنا فى کتاب (الامام الهادى من المهد الى اللحد) شیئا من تراجم المعتصم و الواثق و المتوکل و المنتصر و المستعین و المعتز، و نذکر – هنا – شیئا من ترجمة المستعین و المعتز و المهتدى و المعتمد:

لما مات المنتصر ابن المتوکل، قرر بعض النصارى الذین کانوا فى جهاز الدولة و الأتراک – و هم قواد الجیش، و قد استولوا على شؤون الدولة فى البلاد، و امور العباد – أن لا ینتخبوا أحدا من أولاد المتوکل للخلافة، لئلا ینتقم منهم و یأخذ بثار أبیه المتوکل.

فانتخبوا أحمد بن المعتصم، و لقبوه بالمستعین بالله، و وقع الخلاف و الاختلاف بین الأتراک، و شرع بعض یشاغب على بعض، و یتهم بعضهم الآخر بالمؤامرة ضد الخلیفة؛

و کان باغر الترکى – و هو الذى قتل المتوکل – قد قویت شوکته، فقرر بعض الأتراک ازالته عن القدرة، فعرف باغر ذلک، فعزم على قتل المستعین و بعض رؤساء الأتراک؛

لکن الأتراک قتلوه قبل أن یقتلهم، فوقعت الفتنة، و هاجت الأتراک، فخرج المستعین مع خواص أصحابه الأتراک بالسفینة من سامراء الى بغداد؛

و اصبح الصباح، و انتشر الخبر، فهجم الأتراک على بیوت النصارى – الذین کانوا فى الحکم – و شرعوا بالقتل و النهب و الافساد؛

و جاء الى بغداد بقیة رؤساء الجیش من الأتراک، و اجتمعوا بالمستعین، و اعتذروا الیه عن نوایاهم السیئة و مشاغباتهم، فعاتبهم المستعین عتابا لاذعا، فطلبوا منه العفو فعفا عنهم، و طلبوا منه الرجوع الى سامراء فلم یجبهم، فرجعوا الى سامراء آیسین، و قرروا خلع المستعین و البیعة للمعتز، و هو محمد بن جعفر المتوکل؛

و کان المعتز و اخوه المؤید مسجونین، فأخرجوهما من السجن، و بایعوا المعتز باخلافة، و لابراهیم المؤید بولایة العهد، و أخذوا لهما البیعة من الناس فى سامراء.

و وصل الخبر الى المستعین و هو فى بغداد، فأمر محمد بن عبدالله بن طاهر باتخاذ التدابیر اللازمة، فکتبوا الى البلاد یجمعون الجیوش و العساکر لتحصین بغداد، و قطعوا ارسال المواد الغذائیة الى سامراء، و شرعوا بحفر الخنادق، و نصب الوسائل الدفاعیة المتعارفة فى ذلک الزمان، و بنوا على باب من أبواب مدینة بغداد سورا، و صرفوا مئات الآلاف من الدنانیر فى هذه الامور، و وزعوا الجیوش على مداخل بغداد، و نصبوا المنجنیق على کل باب من أبواب البلد، و کتبوا الى أتراک سامراء یأمرونهم بالطاعة و الانقیاد للمستعین، و نقض بیعة المعتز؛

و کتب کل من المستعین و المعتز کتبا الى البلاد، و کل منهما یأمر الناس بالبیعة له و عدم الاعتراف بالبیعة للآخر.

فاضطربت الأحوال، و اختلت الامور، و شرع بعض الناس بالنهب و السلب و هدم المنازل و غیر ذلک من المفاسد، بسبب ضعف الدولة و اختلاف الکلمة.

و خرج جیش من سامراء الى بغداد لمحاربة المستعین، و اقترب الجیش الى بغداد و اشتعلت نار الحرب، و استعمل البغدادیون الاسلحة و المعدات و الوسائل الدفاعیة لحراسة بغداد، وقام الجیش القادم من سامراء باحراق خیام الجیش، و الأماکن التى کمن فیها البغدادیون، و طالت المدة على هذا المنوال، و الفریقان بین کر و فر، و فى کل یوم کان یسقط عدد من القتلى من الفریقین.

و لما نزح الجیش من سامراء الى بغداد ضعف جانب المعتز، فقام – هناک – اناس من السفلة بنهب الأسواق، و محلات بیع الذهب و غیر ذلک.

و هکذا انتشر الفوضى فى البلاد، و اضطربت الأحوال، و زال الأمن و الأمان من الناس.

و حاول محمد بن عبدالله بن طاهر الصلح مع المعتز، ولکن محاولاته باءت بالفشل.

و أخیرا أجبروا المستعین على أن یخلع نفسه، فخلع نفسه من الخلافة، و اراد المستعین أن یخرج الى مکة فمنعوه عن ذلک، فاختار أن ینزل البصرة؛

و أخذوا منه الأحجار الکریمة التى لا تثمن بثمن من الجواهر و الیواقیت و امثالها، و أخذوا منه البردة و القضیب و الخاتم، و کانوا یزعمون أنها بردة رسول الله (صلى الله علیه و آله) و هکذا القضیب و الخاتم؛

و أخیرا ارسلوا المستعین مع اربعمائة رجل الى مدینة واسط، و خلا الجو للمعتز و مدحه الشعراء، و ذموا المستعین بأقبح هجاء؛

و بعد فترة: قتل المعتز أخاه ابراهیم المؤید، ثم أمر بالقاء القبض على المستعین و ارساله الى سامراء، و فى أثناء الطریق قتلوا المستعین بعد التعذیب، و جائوا برأس المستعین الى المعتز و هو یلعب بالشطرنج! و لما فرغ من اللعب نظر الى رأس المستعین و أمر بدفنه و دفع الى قاتله خمسین الف درهم،!!

و کانت أیام حکم المعتز أربع سنوات و ستة أشهر و أیاما، و خلعوه ثم قتلوه، و السبب فى ذلک کما ذکره الطبرى:

ان ام‏المعتز و جماعة من حاشیته کانوا یستلمون الأموال الواصلة من البلاد من الخراج و الغنائم و الهدایا، فکانت تحمل الى بیوت أموالهم، منهم: أحمد بن اسرائیل، و الحسن بن مخلد، و أبونوح عیسى بن ابراهیم، و کانت لام المعتز حصة الأسد. من الذهب و افخر الأمتعة و نفائس الجواهر و الدراهم و الدنانیر و غیر ذلک، و کان اسمها قبیحة، و کانت قد اتخذت فى الطابق من تحت الأرض من بیتها خزانة لجمع تلک الأموال؛

و کان الجیش یطالبون برواتبهم، و لم یوجد فى بیت المال ما یکفیهم، و تبین أن الأموال قد اجتمعت عند هؤلاء، فالقى القبض على الثلاثة المذکورة اسماؤهم، و ضربوهم و عذبوهم بأنواع التعذیب حتى یعترفوا بالأموال و یردوها، ولکنهم لم یعترفوا بذلک.

و اجتمع الأتراک و هم الجیوش على باب دار المعتز یطالبون بأرزاقهم، فأرسل المعتز الى امه یطلب منها خمسین الف دینار للانفاق على الجیوش، و یخبرها بالخطر المتوجه الى حیاته ولکنها قالت: ما عندى مال!!

و أخیرا هجم الجیش على المعتز، و جروه برجله الى باب الحجرة، و تناولوه بالضرب، و خرقوا قمیصه، و لطموه، و احضروا القاضى، و أجبروا المعتز على أن یخلع نفسه، فخلع نفسه، و کتبوا کتاب الخلع، و دفعوا المعتز الى من یعذبه، فمنعوه الطعام و الشراب ثلاثة أیام، ثم وضعوه فى سرداب و بنوا علیه، فأصبح میتا، و کان عمره اربعا و عشرین سنة.

و بایع الناس محمد بن الواثق، و سموه المهتدى بالله.