جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

الامام العسکری و الحکومات المعاصرة

زمان مطالعه: 4 دقیقه

ولکن هذه المحاولات أکثرها کانت تبوء بالفشل، و استمع الى الامام العسکرى (علیه‏السلام) الذى یصرح بهذه الحقیقة:

عن الفضل بن شاذان قال: حدثنا عبدالله بن الحسین بن سعد الکاتب قال:

قال أبومحمد (علیه‏السلام): «قد وضع بنوامیة و بنوالعباس سیوفهم علینا لعلتین:

احداهما: أنهم کانوا یعلمون انه لیس لهم فى الخلافة حق، فیخافون من ادعائنا ایاها و تستقر فى مرکزها.

و ثانیهما: أنهم قد وقفوا [علموا] من الأخبار المتواترة على أن زوال ملک الجبابرة و الظلمة على ید القائم منا، و کانوا لا یشکون أنهم من الجبابرة و الظلمة، فسعوا فى قتل أهل بیت رسول الله (صلى الله علیه و آله و سلم) و ابادة نسله، طمعا منهم فى الوصول الى منع تولد القائم (علیه‏السلام) أو قتله، فأبى الله أن یکشف أمره لواحد منهم، الا أن یتم نوره ولو کره الکافرون» (1).

فى تلک الظروف القاسیة ولد مولانا صاحب الزمان، الامام المهدى (سلام الله علیه).

و بولادة الامام المهدى (علیه‏السلام) صار الامام العسکرى (علیه‏السلام) بین محذورین شدیدین، و أمرین خطیرین:

1 – الاعلان عن ولادة الامام المهدى (علیه‏السلام) بصورة واسعة؛

قد ذکرنا – قبل قلیل – ان الأعداء کانوا یعلمون ان الامام المهدى سیولد من الامام العسکرى، اذن، فمن الطبیعى أنه کان قد قرب وقت ولادة الامام المهدى الذى یخافه الجبابرة.

و ذکرنا ان محاولاتهم – للحیلولة دون ولادة الامام المهدى – فشلت.

فلو علموا بأن الذى کانوا یخافونه قد ولد، فما الذى کانوا یصنعون؟

ان نتیجة الاعلان عن ولادة الامام المهدى هى ایقاظ الأعداء، و التمهید لقتله (حسب الظاهر) و معنى ذلک – فرضا – ان الامام العسکرى (علیه‏السلام) یسبب (معاذ الله) قتل الامام المهدى، و قطع خط الامامة، و تفنید عشرات الآیات القرآنیة المأولة بالامام المهدى، و کذا تفنید مئات الأحادیث المبشرة بالامام المهدى، المرویة عن رسول الله (صلى الله علیه و آله) و الأئمة الطاهرین (علیهم‏السلام)و غیر ذلک من المضاعفات و النتائج غیر المرضیة.

2 – کتمان ولادته، و هذا یکون مشکلة کبرى، و مصیبة عقائدیة عظمى، لأن الأوامر الالهیة، تفرض على کل امام أن ینص على الامام الذى بعده، و یعرفه – فى حدود الامکان – للخط الموالى، حفظا للامة الاسلامیة فى الضیاع و الضلال.

و قد قام الأئمة الطاهرون (علیهم‏السلام)بهذه المهمة، بالرغم من ظروفهم الصعبة، و کثرة المخاوف (کما هو مذکور فى محله).

و ظروف الامام العسکرى (علیه‏السلام) أصعب من ظروف أجداده حول النص على الامام الذى بعده للسبب المذکور.

ثم ان کتمان ولادة الامام یکون تعتیما على الشیعة، و اهدارا لأهم اصول المذهب، فقد ورد فى الحدیث – المتفق علیه بین الفریقین – عن رسول الله (صلى الله علیه و آله) انه قال: «من مات و لم یعرف امام زمانه مات میتة جاهلیة» (2).

الیس معنى ذلک أن یترک الامام العسکرى (علیه‏السلام) طائفة اسلامیة کبرى تعیش فى حیرة، و تموت فى ضلال و میتة جاهلیة؟

لقد اختار الامام العسکرى (علیه‏السلام) الحد الوسط، فلا اعلان عام، و لا کتمان تام.

و هذا هو الحل الوحید لهاتین المشکلتین؛

فقد أخبر الامام العسکرى بعض شیعته بولادة الامام المهدى، و نص علیه بالامامة، بمحضر من ثقاة شیعته، بل و أراهم ولده و هو فى سن الطفولة.

کل ذلک اداء للواجب الشرعى المقدس، و اتماما للحجة، و بیانا للحقیقة.

و ستجد فى خلال هذا الکتاب النصوص و التصریحات من الامام العسکرى حول امامة ولده الامام المهدى (علیه‏السلام) و الیک بعض تلک النصوص:

روى الشیخ الصدوق فى (اکمال الدین) بسنده عن جعفر بن محمد بن مالک الفزارى قال: حدثنى معاویة بن حکیم، و محمد بن ایوب بن نوح، و محمد بن عثمان العمرى (رضى الله عنه) قالوا: عرض علینا أبومحمد: الحسن بن على (علیهماالسلام) ابنه، و نحن فى منزله، و کنا اربعین رجلا، فقال: «هذا امامکم من بعدى، و خلیفتى علیکم، أطیعوه و لا تتفرقوا من بعدى فى أدیانکم فتهلکوا؛

أما: انکم لا ترونه بعد یومکم هذا.

قالوا: فخرجنا من عنده، فما مضت الا أیام قلائل حتى مضى أبومحمد (علیه‏السلام) (3).

و روى الشیخ الطوسى فى (الغیبة) بسنده عن الحسین بن أحمد [حمدان] الخصیبى قال: حدثنى محمد بن اسماعیل و على بن عبدالله الحسنیان (السجستانى) قالا:

دخلنا على أبى‏محمد الحسن (علیه‏السلام) بسر من رأى، و بین یدیه جماعة من أولیائه و شیعته، حتى دخل علیه بدر: خادمه، فقال: یا مولاى! بالباب قوم شعث غبر (4) فقال [الامام] لهم [للحاضرین]: «هؤلاء نفر من شیعتنا بالیمن».

الى أن قال الحسن (علیه‏السلام) لبدر: «فامض فأتنا بعثمان بن سعید العمرى» فما لبثنا الا یسیرا حتى دخل عثمان، فقال له سیدنا أبومحمد (علیه‏السلام): «امض یا عثمان، فانک الوکیل و الثقة المأمون على مال الله، و اقبض من هؤلاء النفر الیمنیین ما حملوه من المال».

(ثم ساق الحدیث) الى أن قالا: ثم قلنا – بأجمعنا -:

«یا سیدنا، و الله ان عثمان لمن خیار شیعتک، و لقد زدتنا علما بموضعه من خدمتک، و أنه وکیلک و ثقتک على مال الله تعالى».

قال: «نعم، و أشهدوا على أن عثمان بن سعید العمرى وکیلى، و أن ابنه محمدا وکیل ابنى: مهدیکم» (5).

و روى أیضا بسنده عن جماعة من الشیعة (ذکر اسماءهم) قالوا جمیعا:

اجتمعنا الى أبى‏محمد: الحسن بن على (علیهماالسلام)نسأله عن الحجة من بعده، و فى مجلسه أربعون رجلا، فقام الیه عثمان بن سعید بن عمرو العمرى فقال له: یابن رسول الله! ارید أن أسألک عن أمر أنت أعلم به منى، فقال له: اجلس یا عثمان.

فقام [الامام] مغضبا لیخرج فقال: «لا یخرجن أحد» فلم یخرج منا أحد، الى أن کان بعد ساعة، فصاح بعثمان، فقام على قدمیه فقال [الامام]: اخبرکم بما جئتم به؟

قالوا: نعم، یابن رسول الله. قال: «جئتم تسألونى عن الحجة من بعدى» قالوا: نعم.

فاذا غلام کأنه قطع قمر، أشبه الناس بأبى محمد (علیه‏السلام) فقال: «هذا امامکم من بعدى، و خلیفتى علیکم، أطیعوه، و لا تتفرقوا من بعدى فتهلکوا فى أدیانکم.

ألا: و انکم لا ترونه من بعد یومکم هذا حتى یتم له عمر،

فاقبلوا من عثمان [بن سعید] ما یقوله. و انتهوا الى أمره، و اقبلوا قوله، فهو خلیفة امامکم، و الأمر الیه» (6).


1) اثبات الهداة ج 570/3 عن (اثبات الرجعة) للفضل بن شاذان.

2) مصادر هذا الحدیث فى کتب العامة کثیرة جدا، منها: صحیح مسلم ج 6 / 22 سنن البیهقى ج 8 / 156 مسند أحمد بن حنبل ج 3 / 446 و غیرها.

3) الکمال الدین / 435 باب من شاهد القائم حدیث 2.

4) شعث غبر: جمع أشعث و أغبر أى علیهم آثار السفر من التراب و الغبار و غیرهما.

5) غیبة الطوسى / 215.

6) غیبة الطوسى / 217.