استقبل بیت الامام الهادى (علیهالسلام) مولودا طاهرا فى جو من القداسة، و فضاء متلألىء بأنوار الله تعالى، معطر بأریج الملائکة المقربین الذین شارکوا أهل البیت فى استقبال المولود الجدید.
و فتح المولود عینیه فى ذلک البیت المحاط بالروحانیة و النورانیة، و الذى قد تشربت جدرانه بتلاوة القرآن، و انتشر دوى أصوات العبادة فى فضائه، لأنه من بیوت أذن الله أن ترفع و یذکر فیه اسمه.
فى ذلک البیت المنزه عن کل شائبة، و المبرء عن کل ما لا یلائم قدسیته؛
و کیف لا یکون کذلک؟ و هو مهبط ملائکة السموات العلى، و مرکز ثقل الکرة الأرضیة و من أشرف بقاعها.
فى ذلک البیت نمى ذلک المولود المطوق بهالة الشرف الأرفع، و ترعرع فى حجر والده الأقدس الأطهر، یشم نسیم الامامة الکبرى، و تغمر قلبه انوار الولایة العظمى، و یرتضع من صدر ام هى من أطهر امهات ذلک العصر، و یتغدى بأنواع الحکمة و المعرفة.
قد اکمل الله له العقل و الادراک، و أتم له العلم (بجمیع معنى الکلمة).
قد بلغ ذروة العظمة منذ خلقه الله، و امتاز عن أبناء زمانه بفضائله و فواضله.
جعله الله امتدادا لخط الاسلام الصحیح، و انتخبه حاملا لشریعته، و اصطفاه حافظا لدینه و کتابه، و اختاره اماما و نورا لبریته، و منارا و ملاذا لعباده و بلاده.