یمکن تقسیم حیاة الإمام الهادی (علیه السلام) التی ناهزت الأربعین سنة إلى مراحل متعددة بلحاظ طبیعة مواقفه وطبیعة الظروف التی کانت تحیط به.
غیر أن التقسیم الثنائی یتواءم والمنهج الذی اتّبعناه فی دراسة حیاة الأئمة (علیهم السلام)، والذی یرتکز على تنوّع مسؤولیاتهم وأدوارهم بحسب الظروف والملابسات السیاسیة والاجتماعیة التی کانت تحیط بکل واحد منهم ووحدة الهدف الذی یعدّ جامعاً مشترکاً لکل مواقفهم (علیهم السلام) والذی یتمثّل فی صیانة الشریعة من التحریف وحفظ الاُمة الإسلامیة من الانحراف عن عقیدتها ومبادئها وصیانة دولة الرسول (صلى الله علیه وآله) من التردّی ما أمکن والتمهید لاستلام زمام الحکم حینما لا یتنافى مع القیم التی شُرّع الحکم من أجل تطبیقها وصیانتها.
والمرحلة الاُولى من حیاة الإمام الهادی (علیه السلام) تتمثّل فی الحقبة الزمنیة التی عاشها فی ظلال إمامة أبیه الجواد(علیه السلام) وهی بین (212 هـ) إلى (220 هـ) ویبلغ أقصاها ثمان سنوات تقریباً.
وقد عاصر فیها کلاً من المأمون والمعتصم العباسیین.
والمرحلة الثانیة تتمثل فی الفترة الزمنیة بین تولیه(علیه السلام) لمنصب الإمامة فی نهایة سنة (220 هـ) والى حین استشهاده (علیه السلام) فی سنة (254 هـ) وهی اربع وثلاثون سنة تقریباً.
وقد عاصر فی هذه الفترة ستة من ملوک بنی العباس، وهم على الترتیب:
1 ـ المعتصـم (218 ـ 227 هـ).
2 ـ الـواثـق (227 ـ 232 هـ).
3 ـ المتوکـل (232 ـ 247 هـ).
4 ـ المنتصـر (247 ـ 248 هـ).
5 ـ المستعین (248 ـ 252 هـ).
6 ـ المعتــز (252 ـ 255 هـ).
وسوف نتابع المرحلة الاُولى من حیاة هذا الإمام العظیم فی الفصل الثالث من الباب الثانی، ونقف عند أهم الأحداث التی ترتبط به فی فترة حیاته فی ظل أبیه(علیه السلام).
وأما المرحلة الثانیة من حیاته المبارکة فسوف ندرس ظروفها ونقف عند ملامحها ومتطلّباتها خلال الأبواب الثلاثة الأخیرة.
