وحذّر الإمام الهادی(علیه السلام) أصحابه وسائر المسلمین من الاتصال بالصوفیین والاختلاط بهم لأنهم مصدر غوایة وضلال للناس، فهم یظهرون التقشّف والزهد لاغراء البسطاء والسذّج وغوایتهم.
فلقد شدّد الإمام الهادی(علیه السلام) فی التحذیر من الاختلاط بهم حتى روى
الحسین بن أبی الخطاب قال: کنت مع أبی الحسن الهادی (علیه السلام) فی مسجد النبیّ (صلى الله علیه وآله) فأتاه جماعة من أصحابه منهم أبو هاشم الجعفری، وکان بلیغاً وله منزلة مرموقة عند الإمام (علیه السلام) وبینما نحن وقوف اذ دخل جماعة من الصوفیة المسجد فجلسوا فی جانب منه، وأخذوا بالتهلیل، فالتفت الإمام إلى أصحابه فقال لهم:
«لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخدّاعین فإنّهم حلفاء الشیاطین، ومخرّبو قواعد الدین، یتزهّدون لإراحة الأجسام، ویتهجّدون لصید الأنعام، یتجرّعون عمراً حتى یدیخوا للایکاف(1) حمراً، لا یهللون إلاّ لغرور الناس، ولا یقلّلون الغذاء إلاّ لملء العساس واختلاس قلب الدفناس(2)، یکلّمون الناس باملائهم فی الحبّ، ویطرحونهم بإذلالهم فی الجب، أورادهم الرقص والتصدیة، وأذکارهم الترنّم والتغنیة، فلا یتبعهم إلاّ السفهاء، ولا یعتقد بهم إلاّ الحمقاء، فمن ذهب إلى زیارة أحدهم حیاً أو میتاً، فکأنّما ذهب إلى زیارة الشیطان وعبادة الأوثان، ومن أعان واحداً منهم فکـأنّما أعان معاویة ویزید وأبا سفیان».
فقال أحد أصحابه: وإن کان معترفاً بحقوقکم ؟.
فزجره الإمام وصاح به قائلاً: «دع ذا عنک، من اعترف بحقوقنا لم یذهب فی عقوقنا، أما تدری أنّهم أخسّ طوائف الصوفیة، والصوفیة کلهم مخالفونا، وطریقتهم مغایرة لطریقتنا، وإن هم إلاّ نصارى أو مجوس هذه الاُمة، أُولئک الذین یجتهدون فی إطفاء نور الله بأفواههم، والله متمّ نوره ولو کره الکافرون»(3)
1) یدیخوا: أی یذلوها ویقهروها.
2) الدفناس: الغبیّ والأحمق، کما فی مجمع البحرین: 4 / 71.
3) حدیقة الشیعة للاردبیلی: 602، 603 عن المرتضى الرازی فی کتاب الفصول، وابن حمزة فی کتاب الهادی الى النجاة کلاهما عن الشیخ المفید، وعنه فی روضات الجنّات: 3 / 134.