و قد دعاه المتوکل یوما الى الشراب و هذا استخفاف بشخص الامام (ع) فاجابه الامام باسلوب احال علیه محلس مجونه الى مجلس وعظ فقد روى «و کان المتوکل جالسا فى مجلس الشراب فأدخل علیه و الکأس فى ید المتوکل فلما رآه هابه و عظمه و اجلسه الى جانبه و ناوله الکأس التى کانت فى یده فقال والله ماخامر لحمى و دمى قط فاعفنى فقال له انشدنى شعرا فقال على انا قلیل الروایة للشعر فقال لابد فأنشده على علیهالسلام.
باتوا على قلل الاجبال تحرسهم++
غلب الرجال فما اغنتهم القلل
و استنزلوا بعد عز من معاقلهم++
و اسکنوا حفرا یابئس مانزلوا
ناداهم صارخ من بعد دفنتم++
این الاساور و التیجان و الحلل
این الوجوه التى کانت منعمة++
من دونها تضرب الاستار و الکلل
فافصح القبر عنهم فیه سائله++
تلک الوجوه علیها الدود یقتتل
قد طال ما اکلوا دهرا و ماشربوا++
فاصبحوا بعد طول الاکل قد اکلوا
فبکى المتوکل حتى بلت لحیته دموع عینه و بکى الحاضرون و رفع الى على اربعة الاف دینار ثم رده الى منزله مکرما.»(1)
و من نماذج محاولة استهزاء المتوکل بالامام ماروى عن زراقة حاجب المتوکل قال «وقع مشعبد هندى یلعب بالحقة لم یر مثله و کان المتوکل لعابا فاراد ان یخجل علیا (ع) فقال المتوکل: ان اخجلته فلل الف دینار قال: فتقدم ان یخبز رقاق خفاق تجعل على المائدة و انا الى جنبه ففعل و حضر على (ع) للطعام و جعل له مسورة علیها صورة اسد و جلس اللاعب الى جنب المسورة فمد على (ع) یده الى رقاقة فطیرها اللاعب کذا ثلاث مرات فتضاحکوا فضرب على (ع) یده على تلک الصورة و قال: خذه فوثبت الصورة من المسورة و ابتلعت الرجل و عادت الى المسورة فتحیروا و نهض على بن محمد فقال له المتوکل: سألتک بالله الا جلست ورددته؟ فقال: والله لا یرى بعدها اتسلط اعداء الله على اولیائه؟ و خرج من عنده و لم یر الرجل بعدها.»(2) و من
هذه الروایة نستفید الامور التالیة: –
1) حرص السلطة على الاستخفاف بالامام و یتجلى ذلک ب:
أ) اختیار اشخاص حاذقین بالامور المفیدة فى الاستخفاف.
ب) اعطاء المبالغ المالیة لهذا الغرض.
2) صرامة موقف الامام من امثال هذه المحاولات المؤدى الى رد کید السلطة.
1) تذکرة الخواص ص 361.
2) کشف الغمة ج 2 ص 394.