دفن الامام على بن محمد العسکرى علیهالسلام بعد تشییع عظیم عن جثمانه الطاهر فى سامراء، فى بیته الشریف الذى کان یسکنه أیام اقامته فى سامرا.(1)
و هذا هو البیت الذى اشتراه من دلیل بن یعقوب النصرانى بعد أن أخرجه ابنالخضیب من بیته. فسکن الامام ظاهرا من بدایة دخوله الى سامراء الى أن استشهد فى ثلاثه أمکنه.
الاولى: خان الصعالیک: أقام الامام فى هذا المکان یوما ثم أفرد له المتوکل مکانا آخرا فانتقل الیها. قال فى جلاء العیون: فلما وصل الیها تقدم المتوکل بأن بحجب عنه فى یومه منزل فى خان یقال له: خان الصعالیک و أقام به یومه ثم تقدم المتوکل بافراد دار له فانتقل الیها.(2)
و هذا المکان کما یظهر من اسمه، کان سکن الضعفاء و الفقراء الذین لا مال لهم لأن الصعلوک هو الفقیر الذى لا مال له کما جاء التصریح به فى کتب اللغة.(3)
و قد استغرب صالح بن سعید من اسکان الامام الهادى فى هذا المکان و لذلک لما دخل علیه یوم وروده، قال: فقلت له: جعلت فداک فى کل الامور أرادوا اطفاء نورک و التقصیر بک حتى انزلوک هذا الخان الأشنع خان الصعالیک.
فقال: هاهنا أنت یا ابن سعید، ثم أومأ بیده فاذا بروضات أنقات و أنهار جاریات و جنات فیها خیرات عطرات و ولدان کأنهن اللؤلؤ المکنون، فحار بصرى و کثر عجبى، فقال لى: حیث کنا فهذا لنا یابن سعید، لسنا فى خان الصعالیک.(4)
الثانیة: دار ابن الخضیب. یحتمل ان هذا الدار هو الدار الذى انتقل الیه الامام من خان الصعالیک و یحتمل أنه انتقل الى مکان آخر ثم انتقل الى دار ابن الخضیب. الذى کان من أعوان المتوکل العباسى و من بطانته و مقربیه. فلم یذکر لنا التاریخ انه متى انتقل الیها و کم بقى فیها حتى ألح علیه بالخروج من البیت. و تسلیمها الیه. فروى ان الامام الهادى علیهالسلام دعا علیه و أخذه الله فى تلک الأیام بدعاء الامام علیه. قال الطبرسى: و ألح علیه ابن الخضیب فى الدار التى قد نزلها
و طالبه بالانتقال منها و تسلیمها الیه، فبعث الیه أبوالحسن علیهالسلام، لأقعدن لک من الله مقعدا لا یبقى لک معه باقیه، فأخذه الله فى تلک الأیام(5) و یفهم من هذا النص ان هذا البیت لم یکن لابن الخضیب بل أراد ایذاء الامام و اخراجه من البیت و احراجه، فلذلک دعا علیه الامام.
و فیه أیضا عن أبىیعقوب قال: رأیت أباالحسن و ابن الخضیب یتسایران و قد قصر أبوالحسن علیهالسلام عنه، فقال له ابن الخضیب: سر جعلت فداک.
فقال له أبوالحسن: أنت المقدم، فما لبثنا الا أربعة أیام حتى وضع الدهق(6) على ساق ابن الخضیب و قتل.(7)
الثالثه: داره التى ابتاعها من دلیل بن یعقوب النصرانى. فلم یدر أیضا متى اشتراها و کم سنة سکن فیها، الا ما جاء عن الخطیب البغدادى فى تاریخه قال فیه: و فیه توفى على بن محمد بن على بسر من رأى فى داره التى ابتاعها من دلیل بن یعقوب النصرانى.(7)
فبارک الله فى هذا البیت حیث صار روضة من ریاض الجنة بوجود الامامین الهمامین المظلومین المهظومین الهادى و العسکرى علیهالسلام رزقنا الله فى الدنیا زیارتهم و فى الاخرة شفاعتهم آمین یا رب العالمین.
تم هذا المجلد و سیوافیک فقه الامام الهادى و المأثور عنه فى الدعاء و الزیارة و تفسیره و أصحابه فى مجلد آخر ان شاء الله
1) قال الیعقوبى: فلما کثر الناس و اجتمعوا کثر بکاؤهم و ضجتهم، فرد النعش الى داره فدفن فیها… تاریخ الیعقوبى، ج 2، ص 503.
2) جلاءالعیون، ج 3، ص 121.
3) مجمع البحرین، ص 418.
4) اعلام الورى، ص 348.
5) اعلام الورى، ص 342.
6) قال الطریحى فى مجمع البحرین، ص 397: الدهق محرکة خشبتان یغمز بها الساق و منه حتى وضع الدهق على ساق ابن الخضیب.
7) نفس المصدر.
