و من دلائل خوفه من الامام الهادى علیهالسلام أنه لما سعى الیه أن فى منزله کتبا و سلاحا من أهل قم أمر بالهجوم على بیته.
قال المسعودى فى مروج الذهب: سعى الى المتوکل بعلى بن محمد الجواد علیهالسلام ان فى منزله کتبا و سلاحا من شیعته من أهل قم و أنه عازم على الوثوب بالدولة، فبعث الیه جماعة من الأتراک فهجموا داره لیلأ فلم یجدوا فیها شیئا و وجدوه فى بیت مغلق علیه و علیه مدرعة من صوف و هو جالس على الرمل و الحصار و هو متوجه الى الله تعالى تیلو آیات من القرآن.
فحمل على تلک الحالة الى المتوکل، و قالوا له: لم نجد فى بیته شیئا و وجدناه یقرأ القرآن، مستقبل القبلة و کان المتوکل جالسا فى مجلس الشرب فدخل علیه و الکأس فى ید المتوکل، فلما رآهها به و عظمه و أجلسه الى جانبه و ناوله الکأس
التى کانت فى یده.
فقال: والله ما یخامر لحمى و دمى قط، فاعفنى فأعفاه،
فقال: أنشدنى شعرا فقال علیهالسلام: انى قلیل الروایة للشعر، فقال: لابد، فأنشده علیهالسلام و هو جالس عنده:
با تو على قلل الأجبال تحرسهم++
غلب الرجال فلم تنفعهم القلل
و استنزلوا بعد عز من معاقلهم++
و اسکنوا حفرا یا بئسما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد دفنهم++
أین الأسادر و التیجان و الحلل
أین الوجوه التى کانت منعمة++
من دونها تخرب الأستار و الکلل
فأفصح القبر عنهم حین ساءلهم++
تلک الوجوه علیها الدود تقتتل
قد طال ما أکلوا دهرا و قد شربوا++
و أصبحوا بعد الأکل قد أکلوا
قال: فبکى المتوکل حتى بلت لحیته دموع عینیه و بکى الحاضرون و دفع الى على أربعه الآف دینار ثم رده الى منزله مکرما.(1)
اقول: روى ابن شهر اشوب فى المناقب هذه القصة مختصرا ولکن لم یذکر فیه حمل الامام الهادى الى المتوکل و یحتمل انه لم یذکر بقیه ما جرى على الامام علیهالسلام کما یحتمل تعدد القضیة.
فقال فیه: ثم انه سعى الیه ان عنده أموالا و سلاحا فتقدم المتوکل الى سعید الحاجب أن یهجم علیه لیلا و یأخذ ما یجد عنده فصعد سعید سقف داره و لم یهتد أن ینزل، فنادى أبوالحسن علیهالسلام یا سعید مکانک حتى یأتوک بشمعة، فلما دخل الدار، قال دونک و البیوت، فما وجد الا کیسا مختوما و بدرة مختومة و سیفا تحت مصلاه فأتى به المتوکل، فلما رأى ختم امه سألها عنها فحکت نذرها
فخجل ضاعف بذلک و رد الیه،
فقال الحاجب: أعزز على بدخولى دارک بغیر اذنک ولکننى مأمور.
فقال: یا سعید و سیعلم الذین ظلموا أى منقلب ینقلبون.(2)
و نسب المفید فى الارشاد هذه السعایة الى البطحائى و ان الامام لما أمر سعید الحاجب أن یفتش البیوت، أمره أیضا أن یفتش تحت مصلاه حیث قال فیه: فقال أبوالحسن علیهالسلام دونک المصلى، فرفعت فوجدت سیفا فى جفن غیر ملبوس، فأخذت ذلک و صرت الیه….(3)
1) مروج الذهب، ج 4، ص 11، بحارالأنوار، ج 50، ص 211، تذکرة الخواص، ص 223.
2) مناقب آل أبىطالب، ج 4، ص 416.
3) الارشاد، ص 310.