و من جملة الفتن التى أخذت دورا أساسیا فى عصر الامام الهادى علیهالسلام و شغلت الکثیر من المسلمین، هى مسئله خلق القرآن بحیث فقدت مکانتها بین المتکلمین و وقعت فى متناول أیدى الخلفاء لقمع من خالفهم بحجة الانحراف من هذه العقیدة.
و ممن ابتلى بذلک هو أحمد بن حنبل الذین امتحنه المعتصم فى مسئله خلق
القرآن. قال الیعقوبى: و امتحن المعتصم أحمد بن حنبل فى خلق القرآن، فقال أحمد: أنا رجل علمت علما و لم أعلم فیه بهذا، فأحضر له الفقها، و ناظره عبدالرحمان بن اسحاق و غیره، فامتنع أن یقول ان القرآن مخلوق، فضرب عدة سیاط. فقال اسحاق بن ابراهیم: ولنى یا أمیرالمؤمنین مناظرته، فقال: شأنک به! فقال اسحاق: هذا العلم الذى علمته نزل به علیک ملک، او علمته من الرجال؟ قال: بل علمته من الرجال.
قال: شیئا بعد شىء. او جملة، قال علمته شیئا بعد شىء قال: فبقى علیک شىء لم تعلمه؟ قال: بقى على. قال: فهذا مما لم تعلمه و قد علمکه أمیرالمؤمنین. قال: فانى أقول بقول أمیرالمؤمنین. قال: فى خلق القرآن؟ قال: فى خلق القرآن، فأشهد علیه و خلع علیه و أطلق الى منزله.(1)
نرى أن أحمد بن حنبل یضرب بالسیاط حتى یقول بقول الخلیفة الجاهل، فى حین أن هذه المسئلة کانت مطروحه من قبل على الامام الصادق و الرضا علیهماالسلام و لم تکن بهذه الحدة و لم تتبدل الى فتنه کما طرحوها بهذا الشکل لایذاء الناس و ابعادهم عن الحقائق الاسلامیه.
فروى الصدوق فى الأمالى بسنده عن الحسین بن خالد، قال قلت للرضا: یابن رسول الله أخبرنى عن القرآن أخالق أو مخلوق.
فقال: لیس بخالق و لا مخلوق ولکنه کلام الله.(2)
وسئله أیضا الریان بن الصلت قال: قلت للرضا علیهالسلام ما تقول فى القرآن؟
فقال: کلام الله لا تتجاوزه و لا تطلبوا الهدى فى غیره فتضلوا.(3)
1) تاریخ الیعقوبى، ج 2، ص 472.
2) أمالى الصدوق، ص 448.
3) نفس المصدر.