و طاردوا الشیعة و الموالون لأهل البیت فى کل مکان و قتل الکثیر منهم بعد أن زجوا فى السجون و عذبوا أشد العذاب.
قال ابن شهر اشوب: أنه أتى النقى علیهالسلام رجل خائف و هو یرتعد و یقول: أن ابنى أخذ بمحبتکم و اللیلة یرمونه من موضع کذا و یدفنونه تحته.
قال: فما ترید؟ قال: فما یرید الأبوان.
فقال علیهالسلام لا بأس علیک اذهب فأن ابنک یاتیک غدا. فلما أصبح أتاه ابنه فقال یا بنى ما شانک؟!
فقال: لما حفر القبر وشدوا لى الأیدى أتانى عشرة أنفس مطهرة عطرة و سألوا
عن بکائى فذکرت لهم.
فقالوا: لو جعل الطالب مطلوبا تجرد نفسک و تخرج و تلزم تربة النبى صلى الله علیه و آله؟
قلت: نعم.
فأخذوا الحاجب فرموه من شاهق الجبل و لم یسمع أحد جزعه و لا رآنى الرجال أو ردونى الیک و هم ینتظرون خروجى الیهم و ودع أباه و ذهب.
فجاء أبوه الى الامام و أخبره بحاله، فکان الغوغاء تذهب و تقول وقع کذا و کذا و الامام و یتبسم و یقول: انهم لا یعلمون ما نعلم.(1)
2- روى الکشى عن محمد بن مسعود قال: قال یوسف بن السخت کان على بن جعفر وکیلا لأبى الحسن صلوات الله علیه و کان رجلا من أهل همینیا قریة من قرى سودان بغداد فسعى به الى المتوکل فحبسه فطال حبسه و احتال من قبل عبدالرحمن بن خاقان بمال ضمنه عنه ثلاثة ألف دینار، و کلمه عبیدالله، فعرض حاله على المتوکل، فقال: یا عبیدالله لو شککت فیه لقلت انک رافضى، هذا وکیل فلان و أنا عازم على قتله.
قال: فتأدى الخبر الى على بن جعفر، فکتب الى أبى الحسن علیهالسلام یا سیدى الله الله فى، فقد خفت أن أرتاب، فوقع فى رقعته أما اذا بلغ بک الأمر ما أرى فسأقصد الله فیک و کان هذا فى لیلة الجمعة.
فأصبح المتوکل محموما فازدادت علیه حتى صرخ علیه یوم الاثنین، فأمر بتخلیة کل محبوس عرض علیه اسمه حتى ذکر هو على بن جعفر و قال لعبید الله لم لم تعرض على أمره؟
فقال: لا أعود الى ذکره أبدا. قال: خل سبیله الساعة و سله أن یجعلنى فى حل
فخلى سبیله و صار الى مکة بأمر أبى الحسن علیهالسلام، مجاورا بها و برأ المتوکل من علته.(2)
و فى نص آخر للکشى انه عرض على بن جعفر نفسه على المتوکل و أخبره عبیدالله بن یحیى بن خاقان بما قاله المتوکل.(3)
3- قال المسعودى فى مروج الذهب: کان بغا من الأتراک من غلمان المعتصم یشهد الحروب العظام یباشرها بنفسه، فیخرج منها سالما و لم یکن یلبس على بدنه شیئا من الحدید، فعذل فى ذلک فقال: رأیت فى نومى النبى صلى الله علیه و آله و معه جماعة من أصحابه فقال: یا بغا أحسنت الى رجل من امتى فدعا لک بدعوات استجیبت له فیک.
قال: فقلت یا رسول الله و من ذلک الرجل؟
قال: الذى خلصته من السباع.
فقلت یا رسول الله سل ربک أن یطیل عمرى، فشال یده نحو السماء، و قال: اللهم أطل عمره و انسىء فى أجله،
فقلت یا رسول الله خمس و تسعون سنة فقال: خمس و تسعون سنة. فقال رجل کان بین یدیه: و یوقى من الآفات
فقال النبى صلى الله علیه و آله و یوقى من الآفات.
فقلت للرجل: من أنت؟
فقال: أنا على بن أبى طالب، فاستیقظت من نومى و أنا أقول على بن أبى طالب.
و کان بغا کثیر التعطف و البر على الطالبیین، فقیل له: ما کان ذلک الرجل الذى
خلصته من السباع؟ قال: اتى المعتصم بالله برجل قد رمى ببدعة فجرت بینهم فى اللیل مخاطبة فى خلوة، فقال لى المعتصم: خذه فألقه الى السباع، فأتیت بالرجل الى السباع لالقیه الیها، و أنا مغتاظ علیه، فسمعته یقول: أللهم انک تعلم أنى ما کلمت الا فیک، و لا نصرت الا دینک، و لا أتیت الا من توحیدک، و لم ارد غیرک تقربا الیک بطاعتک و اقامه الحق على من خالفک أفتسلمنى؟
قال: فارتعدت و داخلنى له رقة و على قلبى منه وجع، فجذبته على طریق برکة السباع، قد کدت أن أزخ به فیها، و اتیت به الى حجرتى فأخفیته و أتیت المعتصم فقال: هیه؟
فقلت: ألقیته.
قال: فما سمعته یقول؟
قلت: أنا أعجمى و کان یتکلم بکلام عربى ما کنت أعلم ما یقول؟ و قد کان الرجل أغلظ للمعتصم خطابه، فلما کان فى وقت السحر قلت للرجل: قد فتحت الأبواب أنا مخرجک مع رجال الحرس و قد آثرتک على نفسى و وقیتک بروحى فاجهد أن لا تظهر فى أیام المعتصم.
قال: نعم. قلت، فما خبرک؟
قال: هجم رجل من عمالنا فى بلدنا على ارتکاب المحارم و الفجور و اماتة الحق و نصر الباطل، فسرى ذلک فى فساد الشریعة و هدم التوحید، فلم أجد ناصرا علیه فهجمت فى لیلة علیه فقتلته لأن جرمه کان مستحقا فى الشریعة أن یفعل به ذلک فأخذت فکان ما رأیت.(4)
1) مناقب آل أبى طالب، ج 4، ص 416.
2) رجال الکشى، ص 505.
3) نفس المصدر، ص 506.
4) مروج الذهب، ج 4، ص 76، بحارالأنوار، ج 50، ص 218.