قد یستغرب بعض الجهلة من سماع هذه الاخبارات الغیبیة عن الامام الهادى أو عن سائر الائمه أو ینکر أن یکون الامام عالما بالامور الغیبیة، مستدلا على ذلک بأن علم الغیب خاص بالله، فلا یظهر على غیبه أحدا، و لکنه غفل عن التأمل فى بقیة الآیة الشریفة حیث قال جل و علا: الا من ارتضى من رسول(1)
فلو قیل سلمنا أن الله تعالى یظهر على غیبه الرسول أیضا، و لکن الامام خارج عن دائرة الرسول.
قلنا فهل آصف بن برخیا الذى اطلع على علم من الکتاب کان رسولا، فاذا لم یکن رسولا فمن أین له هذا العلم الخاص بالرسل.
فاذا کان هذا الانتقال و الایداع جائز من سلیمان النبى الذى ارتضاه الله، الى وصیه، فلیکن هذا الأمر أیضا جایز من النبى صلى الله علیه و آله الى أمیرالمؤمنین و منه الى سائر أوصیائه علیهمالسلام و منهم الهادى و هکذا الأمر بالنسبة الى تأویل الآیات التى لا یعلمه الا الله، من النبى الذى تلقاه من الله جلا و علا. اذا فلا استغراب اذا أخبر الامام ببعض المغیبات حیث انتسب هذا العلم الى آبائه و هم عن النبى صلى الله علیه و آله الذى أظهر الله الیه هذه العلوم الغیبیة، لأنهم هم الذین ارتضاهم الله و منحهم هذا العلم، لا أنهم هم شرکاء الله فى علم الغیب.
و یؤید ما ذکرناه ما نقله العلامة الحائرى فى کتابه الالهام عن المفسر الکبیر،
الطبرسى فى ذیل الآیة الشریفة: و لله غیب السموات و الأرض(2) قال: انا لا نعلم أحدا من الشیعة استجاز الوصف بعلم الغیب لأحد من الخلق و انما یستحق الوصف بهذا من یعلم جمیع المعلومات لا بعلم مستفاد و هذه صفة القدیم سبحانه، و من اعتقد أن غیر الله تعالى یشرکه فیه واحد من المخلوقین فهو خارج عن ملة الاسلام، و أما ما عن أمیرالمؤمنین و ائمه الهدى من الاخبار بالغائبات فان الجمیع متلقات من النبى صلى الله علیه و آله مما اطلعه علیه.(3)
1) سوره الجن، الآیة 27.
2) سوره آل عمران، الآیة 7.
3) الالهام فى علم الامام، ص 20.