الولاء لخط أهل بیت رسول الله علیه و علیهم أفضل الصلاة والسلام لیس ولاء عاطفیا محضا کما حاولت بعض الدراسات التاریخیة أن تصور ذلک. بل انه کان منذ العصر الاسلامی الاول ولاء قائما علی أساس قاعدة فکریة اسلامیة تستقی من القرآن الکریم و سنة رسول الله (ص).
و من هنا نجد أتباع مدرسة أهل البیت یشکلون فی فکرهم و سلوکهم و تحرکهم خطا متمیزا فی التاریخ الاسلامی، و هذا الخط المتمیز یتصف بالمحافظة علی الاسلام من أهواء السلاطین و وعاظهم، و بصیانة کتاب الله و سنة رسوله من التحریف و التلاعب، و بابعاد الرسالة الاسلامیة عن الاجتهادات السطحیة الذوقیة، و بتربیة أبناء الامة الاسلامیة تربیة تقیهم من الانحراف و من الانجراف وراء الشهوات، و من الرضوخ لظلم الجبابرة والطغاة.
ائمة هذه المدرسة الاثنا عشر – أو خلفاء رسول الله الاثنا عشر کما تواتر ذکرهم فی الاحادیث الصحیحة لدی الفریقین – یشکلون فیما رووه عن رسول الله من حدیث و ما بینوه من احکام و أفکار و عقائد، و ما اتخذوه من مواقف عملیة فردیة أو اجتماعیة، مدرسة تعتبر بحق الامتداد الطبیعی الصحیح لرسالة الاسلام، والموضح لمعالم هذه الرسالة.
ان أمتنا الیوم بأمس الحاجة الی أن تعود الی اسلامها، و الی أن تخلص رسالتها الالهیة من المخلفات السلبیة التی ترکتها سنون الانحطاط علی تراثنا الخالد.
بحاجة الی تلک المعنویات الاسلامیة التی دفعت بتلک الفئة القلیلة لان تنتصر علی فئة کثیرة، و لان تحطم بعد فترة عروش کسری و قیصر و تعلی کلمة الله فی الارض.
أهل بیت رسول الله مشاعل تنیر الدرب لکل المسلمین.
و تستطیع هذه الصفوة أن تکون الیوم أفضل قدوة لمسیرة أمتنا و لتطلعاتها الجدیدة نحو غد اسلامی مشرق، و أفضل ضمان لصیانة هذه المسیرة الاسلامیة من الانحراف أو التلکوء أو التراجع والنکول.
الکتاب الذی بین یدی القاری یتناول واحدة من حلقات تلک السلسلة الهادیة المهدیة، و یلقی الضوء علی حیاة الامام «علی بن محمد الهادی» الامام العاشر من أئمة أهل البیت علیهم السلام.
مؤلف الکتاب الاخ المحقق «علی نجف» بذل جهودا مشکورة فی اخراج هذا الکتاب، سیما و أن المصادر المتوفرة عن الامام الهادی قلیلة، فجزاه الله خیر الجزاء.
وزارة الارشاد الاسلامی، اسهاما منها فی نشر الحقائق الاسلامیة، و بث التوعیة الرسالیة بین صفوف الامة، تنشر هذا الکتاب، آملة أن تقدم فی المستقبل للقاری باللغة العربیة مزیدا من الدراسات حول مدرسة أهل بیت رسول الله (ص)، والله سبحانه الموفق.
وزارة الارشاد الاسلامی
الدائرة العامة للاعلام والنشر
