قلنا فیما سبق أن الامام الهادى علیهالسلام کان یجتهد فى حفظ ولده الامام الحسن العسکرى علیهالسلام و یخفیه حتى عن عیون الشیعة فضلا عن الأعداء لمصلحة کان هو أعرف بها من کل أحد.
و کان محمد بن على المکنى بأبى جعفر، سترا علیه و عرفه الناس و عرفوا فضله و مکانته من أبیه الهادى علیهالسلام، و عاش الامام العسکرى فى هذه السنوات فى سامراء و هو لا یعرف الى أن اتفقت رزیة موت أبى جعفر، الذى أبکى الامام العسکرى فى فقده، و شق الجیب علیه من شدة المصیبة.
و هذه الرزیة و ان عظمت على الهادى و العسکرى علیهماالسلام لکن کشفت الغطاء عن أمر مهم کان خفیا على أکثر الناس و هو امامة الحسن بن على علیهالسلام بعد أبیه الهادى علیهالسلام.
و الیک النصوص ثم التعلیق علیها:
النص الأول: روى الصفار فى بصائر الدرجات عن الحسین بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبدالله، عن أحمد بن الحسین، عن على بن عبدالله بن مروان الأنبارى قال: کنت حاضرا عند مضى أبى جعفر ابن أبى الحسن، فجاء أبوالحسن فوضع له کرسى فجلس علیه و أبومحمد قائم فى ناحیة، فلما فرغ من أبى جعفر، التفت أبوالحسن الى أبى محمد علیهالسلام فقال: یا بنى أحدث لله
شکرا فقد أحدث فیک أمرا.(1)
النص الثانى: روى المفید فى الارشاد عن ابن قولویه، عن الکلینى عن على بن محمد، عن اسحاق بن محمد، عن محمد بن یحیى قال: دخلت على أبى الحسن علیهالسلام بعد مضى أبى جعفر ابنه فعزیته عنه و أبومحمد جالس فبکى أبومحمد فأقبل علیه أبوالحسن علیهالسلام فقال: ان الله قد جعل فیک خلفا منه فاحمدالله.(2)
النص الثالث: و عنه أیضا عن ابنقولویه عن الکلینى عن محمد بن یحیى و غیره عن سعید بن عبدالله، عن جماعة من بنىهاشم منهم الحسن بن الحسین الأفطس أنهم حضروا یوم توفى محمد بن على بن محمد، دار أبىالحسین علیهالسلام و قد بسط له فى صحن داره، و الناس جلوس حوله،…. اذ تنظر الى الحسن بن على و قد جاء مشقوق الجیب حتى جاء عن یمینه و نحن لا نعرفه. فنظر الیه أبوالحسن علیهالسلام بعد ساعة من قیامه ثم قال: یا بنى أحدث لله شکرا فقد أحدث فیک أمرا. فبکى الحسن علیهالسلام و استرجع، و قال: ألحمد لله رب العالمین و ایاه أشکر تمام نعمه علینا انا لله و انا الیه راجعون، فسألنا عنه، فقیل لنا: هذا الحسن ابنه و قدرنا له فى ذلک الوقت عشرین سنة و نحوها فیومئذ عرفناه و علمنا أنه قد أشار الیه بالامامة و اقامه مقامه.(3)
النص الرابع: و عن الطوسى فى غیبته عن سعد، عن أبى هاشم الجعفرى، قال: کنت عند أبى الحسن العسکرى علیهالسلام، وقت وفاة ابنه أبى جعفر، و قد أشار الیه و دل علیه و انى لا فکر فى نفسى، و أقول هذه قصة أبى أبراهیم و قصه اسماعیل، فأقبل على أبوالحسن علیهالسلام و قال: نعم یا أباهاشم بدالله فى أبى جعفر و صیر مکانه أبا
محمد، کما بداله فى اسماعیل بعد ما دل علیه أبوعبدالله علیهالسلام و نصبه و هو کما حدثتک نفسک و ان کره المبطلون. أبومحمد ابنى الخلف من بعدى، عنده ما تحتاجون الیه و معه آلة الامامة و الحمدلله.(4)
النص الخامس: روى الشیخ الطوسى عن على بن محمد الکلینى عن اسحقاق بن محمد النخعى عن شاهویه بن عبدالله الجلاب قال: کنت رویت عن أبى الحسن العسکرى علیهالسلام فى أبى جعفر ابنه روایات تدل علیه، فلما مضى أبوجعفر قلقت لذلک و بقیت متحیرا لا أتقدم و لا أتأخر و خفت أن أکتب الیه فى ذلک، فلا أدرى ما یکون.
فکتبت الیه أسأله الدعاء أن یفرج الله عنا فى أسباب من قبل السلطان کنا نغتم بها فى غلماننا، فرجع الجواب بالدعاء ورد الغلمان علینا و کتب فى آخر الکتاب: أردت أن تسأل عن الخلف بعد مضى أبى جعفر، و قلقت لذلک فلا تغتم فان الله لا یضل قوما بعد اذ هداهم حتى یتبین لهم ما یتقون. صاحبکم بعدى أبومحمد ابنى، و عنده ما تحتاجون الیه یقدم الله ما یشاء و یؤخر ما یشاء «ما ننسخ من آیة أو ننسها نات بخیر منها أو مثلها»(5) قد کتبت بما فیه بیان و قناع لذى عقل یقظان.(6)
1) بصائر الدرجات، ص 472، بحار الأنوار، ج 50، ص 240، غیبة الشیخ، ص 131.
2) الارشاد، ص 316، بحار الأنوار، ج 50، ص 246.
3) نفس المصدر.
4) غیبة الطوسى، ص 120.
5) سورة البقرة، الایة 106.
6) نفس المصدر، ص 131.