بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله بجمیع محامده کلها، على جمیع نعمه کلها، ثم الصلاة و السلام على محمد عبده و رسوله و خیرته من خلقه و مبلغ رسالاته و على آل الطیبین الطاهرین الغر المیامین.
أما بعد:
فان من أفضل نعم الله و أتمها على الامة الاسلامیة نعمة وجود الامة من أهل البیت علیهمالسلام الذى فضلهم على العباد و جعلهم خلفاء فى أرضه و أمناء على دینه.
فمن أداء شکر نعمه تبارک و تعالى، معرفة هذه الأنوار المقدسة الذى من جهلهم ضل عن دینه و عن معرفة نبیه و رسوله.
و لما لم یمکن الوصول الى معرفتهم الا من أهله، فعلیه أن نتأمل فیما ورد عن الله على لسان نبیه، و عن نبیه بما ورد فى لسان الروایات و الأحادیث الاسلامیة.
و السبب فى ذلک أولا لأنهما أعرف بهم من غیرهم، و الثانى أن غیرهما أراد اطفاء نورهم و اخفاء فضائلهم حینما عرف أنهم أساس الاسلام.
اذا کیف یرجى فى الاهتمام بنشر فضائلهم و مناقبهم، کما قرأنا کل ذلک من المواقف السلبیة التى اتخذوها تجاه العترة الطاهرة علیهمالسلام و لکن أبى الله الا أن یتم نوره و لو کره المشرکون.
و نحن و ان لم یمکننا حصر هذه الروایات و دراستها بکاملها، نقدم بعض ما ورد فى شأنهم، عملا بالقاعدة المعروفة ما لا یدرک کله لا یترک کله.
فالأئمة هم السادة الولاة و القادة الحماة الذین اصطفاهم الله و انتجبهم و ارتضاهم، و هم الذین عملوا بالهدى و دین الحق، هم العروة الوثقى و الحجة على أهل الدنیا و الوسیلة الى الله.
و هم الذین حفظ الله بهم دینه و رزق عباده و أخرج برکات الأرض و دفع العذاب عن خلقه، و أنزل رحمته.
و هم الذین استنقذ الله بهم عباده من ضلالة الشرک و ضلالة الفتنة.
مثلهم مثل سفینة نوح التى من رکبها نجا و من تخلف عنها غرق و هلک، و مثلهم مثل النجم فى السماء و الشمس فى رائعة النهار.
هم الثقل الأصغر الذى قرن طاعتهم بطاعته تبارک و تعالى.
فحقیق بهم أن یقال فى شأنهم و علو مقامهم: لله در هذا البیت الشریف، و النسب الخضم المنیف و ناهیک به من فخار، و حسبک فیه من علو مقدار، فهم جمیعا فى کرم الأرومة و طیب الجرثومة کأسنان المشط، متعادلون، و لسهام المجد مقتسمون، فیاله من بیت عالى الرتبة سامى المحلة، فلقد طاول السماک علا و نبلا، و سما الفرقدین منزلة و محلا و استغرق صفات الکمال، فلا یستثنى فیه بغیر و لا بالا، انتظم فى المجد هؤلاء الأئمة انتظام اللئالى و تناسقوا فى الشرف فاستوى الأول و التالى، و کم اجتهد قوم فى خفض منارهم و الله یرفعه و رکبوا الصعب و الذلول فى تشتیت شملهم و الله یجمعه، و کم ضیعوا من حقوقهم ما لا یهمله و لا یضیعه.
و الامام على بن محمد العسکرى علیهالسلام الملقب بالهادى هو أحدهم و عاشرهم، الذى أتحف الله وجوده الى العباد.