جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

مراحل الحرکة الرسالیة للائمة الراشدین

زمان مطالعه: 2 دقیقه

وإذا رجعنا إلى تاریخ أهل البیت(علیهم السلام) والظروف التی کانت قد أحاطت بهم ولاحظنا سیرتهم ومواقفهم العامة والخاصة استطعنا أن نصنّف ظروفهم ومواقفهم إلى مراحل وعصور ثلاثة یتمیز بعضها عن بعض بالرغم من اشتراکهم فی کثیر من الظروف والمواقف ولکن الأدوار تتنوع باعتبار مجموعة الظواهر العامّة التی تشکل خطّاً فاصلاً وممیّزاً لکل عصر.

فالمرحلة الاُولى من حیاة الأئمّة(علیهم السلام) وهی (مرحلة تفادی صدمة

الانحراف) بعد وفاة رسول الله(صلى الله علیه وآله) تجسّدت فی سلوک ومواقف الأئمّة الأربعة: علی والحسن والحسین وعلی بن الحسین(علیهم السلام) فقاموا بالتحصینات اللازمة لصیانة العناصر الأساسیة للرسالة وإن لم یستطیعوا القضاء على القیادة المنحرفة. لکنهم استطاعوا کشف زیفها والمحافظة على الرسالة الإسلامیة نفسها. وبالطبع إنهم لم یهملوا الاُمّة أو الدولة الإسلامیة بشکل عام من رعایتهم واهتماماتهم فیما یرتبط بالکیان الاسلامی والاُمّة المسلمة فضلاً عن سعیهم البلیغ فی بناء وتکوین الکتلة الصالحة المؤمنة بقیادتهم.

وتبدأ المرحلة الثانیة بالشطر الثانی من حیاة الإمام السجاد السیاسیة حتى الإمام الکاظم(علیه السلام) وتتمیز بأمرین أساسیین:

الأوّل منهما: یرتبط بالخلافة المزیّفة، فقد تصدى هؤلاء الأئمّة لتعریتها عن التحصینات التی بدأ الخلفاء یحصّنون بها أنفسهم من خلال دعم وتأیید طبقة من المحدّثین والعلماء (وهم وعّاظ السلاطین) لهؤلاء الخلفاء وتقدیم صنوف التأیید والولاء لهم من أجل إسباغ الصبغة الشرعیة على زعامتهم بعد أن استطاع الأئمّة فی المرحلة الاولى أن یکشفوا زیف خط الخلافة ویشعروا الاُمّة بمضاعفات الانحراف الذی حصل فی مرکز القیادة بعد الرسول الأعظم(صلى الله علیه وآله).

والثانی منهما: یرتبط ببناء الجماعة الصالحة والذی اُرسیت دعائمه فی المرحلة الاولى، فقد تصدى الأئمّة المعصومون فی هذه المرحلة إلى تحدید الاطار التفصیلی وإیضاح معالم الخط الرسالی الذی اؤتمن الأئمّة الأطهار(علیهم السلام) علیه، والذی تمثّل فی تبیین ونشر معالم النظریة الإسلامیة وتربیة عدة أجیال من العلماء على أساس الثقافة الإسلامیة التی استوعبها الأئمة الأطهار فی قبال الخط الثقافی الذی استحدثه وعّاظ السلاطین.

هذا فضلاً عن تصدیهم لدفع الشبهات وکشف زیف الفرق التی استحدثت من قبل خط الخلافة أو غیره.

والأئمّة فی هذه المرحلة لم یتوانوا عن زعزعة الزعامات والقیادات المنحرفة من خلال دعم بعض الخطوط المعارِضة للسلطة ولاسیما بعض الخطوط الثوریة منها والتی کانت تتصدى لمواجهة من تربَّع على کرسیّ خلافة الرسول(صلى الله علیه وآله) بعد ثورة الإمام الحسین(علیه السلام).

وأما المرحلة الثالثة من حیاة الأئمّة من أهل البیت(علیهم السلام) فهی تبدأ بشطر من حیاة الإمام الکاظم(علیه السلام) وتنتهی بالإمام المهدی(علیه السلام) فإنهم بعد وضع التحصینات اللازمة للجماعة الصالحة ورسم المعالم والخطوط التفصیلیة لها عقائدیاً واخلاقیاً وسیاسیّاً فی المرحلة الثانیة قد بدا للخلفاء أن قیادة أهل البیت(علیهم السلام) أصبحت بمستوى تسلّم زمام الحکم والعودة بالمجتمع الإسلامی إلى حظیرة الإسلام الحقیقی، مما خلّف ردود فعل للخلفاء تجاه الأئمّة(علیهم السلام)، وکانت مواقف الأئمّة تجاه الخلفاء تختلف تبعاً لنوع موقف الخلیفة تجاههم وتجاه قضیتهم.

وأما فیما یرتبط بالجماعة الصالحة التی أوضحوا لها معالم خطها فقد عمل الأئمّة(علیهم السلام) على دفعها نحو الثبات والاستقرار والانتشار من جهة لتحصینها من الانهیار، واعطائها درجة من الاکتفاء الذاتی من جهة اُخرى.

وکان یقدّر الأئمّة أنهم بعد المواجهة المستمرة للخلفاء سوف لا یُسمح لهم بالمکث بین ظهرانیهم وسوف لن یترکهم الخلفاء أحراراً بعد أن تبین زیفهم ودَجلهم واتضحت لهم المکانة الشعبیة للأئمّة المعصومین الذین کانوا یمثّلون الزعامة الشرعیة والواقعیة للاُمّة الإسلامیة.

ومن هنا تجلّت ظاهرة تربیة الفقهاء بشکل واسع ثم ارجاع الناس الیهم

وتدریبهم على مراجعتهم للعلماء السائرین على خط أهل البیت(علیهم السلام) فی کل قضایاهم وشؤونهم العامة تمهیداً للغیبة التی لا یعلم مداها إلاّ الله سبحانه والتی أخبر الرسول(صلى الله علیه وآله) عن تحققها وأملت الظروف علیهم الانصیاع الیها.

وبهذا استطاع الأئمّة(علیهم السلام) ـ ضمن تخطیط بعید المدى ـ أن یقفوا بوجه التسلسل الطبیعی لمضاعفات انحراف القیادة الإسلامیة والتی کانت تنتهی بتنازل الاُمّة عن الإسلام الصحیح وبالتالی ضمور الشریعة وانهیار الرسالة الالهیة بشکل کامل.