جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

عصر الإمام الجواد

زمان مطالعه: 2 دقیقه

عاصر الإمام الجواد (علیه السلام) من خلفاء بنی العباس المأمون (198 ـ 218 هـ) والمعتصم (218 ـ 227 هـ)، وکان المأمون یتظاهر بالتودّد للإمام الجواد(علیه السلام) وزوّجه ابنته أم الفضل، ومن قبل قد صاهر المأمون الإمام الرضا(علیه السلام) وولاّه عهده وقرّب العلویین(1) أمّا حکم المعتصم فکان حکماً استبدادیاً مقروناً بشیء من العطف وحسن التدبیر، وقد وصفه المسعودی(2) بحسن السیرة واستقامة الطریقة.

وقد اعتمد الخلفاء العباسیون الأوائل فی إنشاء حکومتهم واستمرارها على الفرس دون العرب وأسندوا إلیهم المناصب المدنیّة والعسکریة، مما أدى إلى سیادة الفرس فی مختلف المیادین وضمور دور العرب فی الدولة العباسیة ومؤسساتها المختلفة، وأثمرت هذه الظاهرة التنافس بین العرب والفرس، حتى جاء المعتصم ـ وکانت أمه ترکیّة ـ فاعتمد على العنصر الترکی واتّخذهم حرساً له، وأسند إلیهم مناصب الدولة وقلّدهم ولایة الأقالیم البعیدة عن مرکز الخلافة وأخرج العرب من دیوان العطاء وأحل محلهم الترک فحقد العرب والفرس علیهم جمیعاً.

ولم یقتصر الصراع على ما کان بین العرب والفرس والترک بل تعدّاه

إلى قیام المنافسة بین العنصر العربی نفسه، فاشتعلت نیران العصبیة بین عرب الشمال المضریین، وعرب الجنوب الیمنیین(3) وهذا یوضح لنا شدّة

الصراع داخل الاُسرة الحاکمة نفسها.

فکان شعب الدولة العباسیة فی نهایة العصر الأوّل یتکون من:

1 ـ العرب (المضریین والیمنیین).

2 ـ الفرس (الخراسانیین) الذین ساعدوا العباسیین فی انشاء حکومتهم.

3 ـ الترک، الذین آلت إلیهم إدارة الدولة.

4 ـ أهل الذمة (أهل الکتاب) وهم: الیهود والنصارى.

وکانت الطوائف الدینیة منفصلة بعضها عن بعض تمام الانفصال، وکان لا یجوز للمسیحی أن یتهوّد ولا للیهودی أن یتنصّر، واقتصر تغییر الدین على الدخول فی الإسلام، وکان الرقیق یکوّنون طبقة کبیرة من طبقات المجتمع الاسلامی وکانت سمرقند تُعدّ من أکبر أسواق الرقیق، إذ کان أهلها یتخذون ذلک صناعة لهم یعیشون منها.

وکان لاتساع رقعة الدولة العباسیة، ووفرة ثرواتها، ورواج تجارتها أثر کبیر فی خلق نهضة ثقافیة لم یشهدها الشرق من قبل حتى لقد غدا الناس جمیعاً من الخلیفة إلى العامة طلاباً للعلم أو على الأقلّ أنصاراً للأدب، وکان الناس فی عهد هذه الدولة یجوبون ثلاث قارّات سعیاً إلى موارد العلم والعرفان لیعودوا إلى بلادهم وهم یحملون أصنافاً من العلم، ثم یصنّفون ما بذلوه من جهد متصل بمصنفات هی أشبه شیء بدوائر المعارف، والّتی کان لها أکبر الفضل فی إیصال هذه العلوم إلینا بصورة لم تکن متوقعة من قبل(4) هذا فی الشرق الإسلامی.

وأما فی الغرب فقد نافست قرطبة بغداد والبصرة والکوفة ودمشق والفسطاط فأصبحت حاضرة الاندلس حتى جذبت مساجدها الاُوربیین الذین وفدوا لارتشاف العلم من مناهله والتزوّد من الثقافة الإسلامیة، ومن ثم ظهرت فیها طائفة من العلماء والشعراء والاُدباء والفلاسفة والمترجمین والفقهاء وغیرهم. ولم یقتصر اهتمام العلماء المسلمین على العلوم النقلیة مثل علم التفسیر، والقراءات وعلم الحدیث والفقه والکلام، بل شمل اهتمامهم العلوم العقلیة، کالفلسفة، والهندسة، وعلم النجوم، والطب، والکیمیاء، وغیرها.

وفی العصر العباسی الأول اشتغل الناس بالعلوم الدینیة وظهر المتکلّمون وتکلّم الناس فی مسألة خلق القرآن، وتدخّل المأمون فی ذلک، فأوجد مجالس للمناظرة بین العلماء فی حضرته، ولهذا عاب الناس علیه تدخّله فی الاُمور الدینیة کما عابوا علیه تفضیل علی بن أبی طالب (علیه السلام) على سائر الخلفاء(4)

وفی هذا العصر ظهر صنفان من العلماء:

الصنف الأول: هم الذین کان یغلب على ثقافتهم النقل والاستیعاب ویسمون أهل علم.

والصنف الثانی: هم الذین کان یغلب على ثقافتهم الابتداع والاستنباط ویسمون أهل عقل(5)

کما نشطت فی هذا العصر أیضاً، فی میدان الفقه مدرستان: مدرسة أهل الحدیث فی المدینة ومدرسة الرأی فی العراق.


1) تاریخ الاسلام: 2 / 66 ـ 67 للدکتور حسن إبراهیم حسن.

2) مروج الذهب: 3 / 476.

3) تاریخ الاسلام: 395.

4) تاریخ الاسلام: 2 / 321 ـ 323.

5) تاریخ الاسلام: 2 / 324.