جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

زواج الإمام الجواد

زمان مطالعه: 3 دقیقه

واستمراراً لتوطید علاقة المأمون بأهل البیت (علیهم السلام) کان تزویجه لابنته ـ اُم الفضل ـ من الإمام الجواد (علیه السلام)، ولما بلغ بنی العباس ذلک اجتمعوا فاحتجوا، لتخوفهم من أن یخرج السلطان عنهم وأن ینتزع منهم ـ بحسب زعمهم ـ لباس ألبسهم الله ذلک، فقالوا للمأمون: ننشدک الله یا أمیر المؤمنین أن تقیم على هذا الأمر الذی قد عزمت علیه من تزویج ابن الرضا، فإنّا نخاف أن تخرج به عنّا أمراً قد ملّکناه الله وتنزع منّا عزاً قد ألبسناه الله، وقد عرفت ما بیننا وبین هؤلاء القوم قدیماً وحدیثاً، وما کان علیه الخلفاء قبلک من تبعیدهم والتصغیر بهم، وقد کنا فی وهلة من عملک مع الرضا ما عملت حتى کفانا الله المهم من ذلک، فالله الله ان تردنا إلى غمٍّ قد انحسر عنّا واصرف رأیک عن ابن الرضا واعدل إلى من تراه من اهل بیتک یصلح لذلک دون غیره.

فقال لهم المأمون: اما ما بینکم وبین آل أبی طالب فأنتم السبب فیه ولو أنصفتم القوم لکانوا اولى بکم… واما أبو جعفر محمد بن علی (علیه السلام) فقد اخترته لتبریزه على کافة اهل الفضل فی العلم والفضل مع صغر سنه والاعجوبة فیه بذلک وأنا أرجو أن یظهر للناس ما عرفته منه(1)

فخرجوا من عنده وأجمعوا رأیهم على مساءلة یحیى بن أکثم وهو یومئذ قاضی الزمان، على أن یسأله مسألة لا یعرف الجواب عنها ووعدوه بأموال نفیسة على ذلک.

واتفقوا مع المأمون على یوم تتم فیه المساءلة، حیث یحضر معهم یحیى بن أکثم. ثم کان بعد ذلک أن جلس الإمام الجواد (علیه السلام) یستمع إلى أسئلة

یحیى بن أکثم والذی بهت حین سأل الإمام حول محرم قتل صیداً فما کان من الإمام (علیه السلام) إلاّ ان فرّع علیه سؤاله فلم یحر جواباً وطلب من الإمام(علیه السلام) أن یوضح ذلک والمأمون جالس یستمع إلى کل ذلک ثم نظر إلى أهل بیته وقال لهم: أعرفتم الآن ما کنتم تنکرونه ؟ ثم أقبل على أبی جعفر(علیه السلام) وطلب منه أن یخطب ابنته فخطبها واحتفل المأمون بذلک.

ثم ان المأمون بعد اجراء العقد وإتمام الخطبة عاد فطلب من الإمام الجواد(علیه السلام) أن یکمل جواب ما طرحه مشکلاً به على ابن أکثم، فأتم الإمام (علیه السلام) الجواب، فالتفت المأمون إلى من حضره من أهل بیته فقال لهم، هل فیکم احد یجیب عن هذه المسألة بمثل هذا الجواب ؟ ویعرف القول فیما تقدم من السؤال ؟

قالوا: لا والله، ان أمیر المؤمنین أعلم بما رأى.

فقال ـ المأمون ـ لهم: ویحکم ان أهل البیت خصوا من بین الخلق بما ترون من الفضل، وإن صغر السن فیهم لا یمنعهم من الکمال ومن ثم ذکر لهم ان الرسول (صلى الله علیه وآله) افتتح الدعوة بدعاء أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام) وهو ابن عشر سنین وقبل منه الاسلام.(2)

ولا بد من الاشارة إلى ان هذا الاهتمام المبالغ فیه من قبل المأمون تجاه الإمام الجواد(علیه السلام) کان قد سلک مثله مع أبیه الإمام الرضا(علیه السلام) حتى تم له ان دس له السم وقتله، فکان المأمون یتحرک إزاء الإمام(علیه السلام) بهدف إبعاد الإمام (علیه السلام) عن خاصته وعامة الناس، حیث اشخصه من المدینة إلى بغداد لیکون قریباً منه وتحت رقابته وعیونه، فیعرف الداخل علیه والخارج منه ظناً من المأمون أ نّه سوف یتمکن بذلک من تحجیم دور الإمام (علیه السلام)

وابعاده عن التأثیر فضلاً عن اکتساب الشرعیة لحکمه من خلال وجود الإمام(علیه السلام) إلى جنبه، ووفقاً لذلک کان موقف المأمون تجاه العباسیین الذین کانوا لا یرون فی الإمام (علیه السلام) إلاّ صبیاً لم یتفقه فی الدین ولا یعرف الحلال والحرام.

وهکذا قضى الإمام الجواد(علیه السلام) خمس عشرة سنة خلال حکم المأمون حیث مات المأمون سنة (218 هـ).


1) الارشاد: 2 / 282 وعنه فی اعلام الورى: 2 / 101 بلا اسناد، وفی کشف الغمة: 3 / 144 بالاسناد.

2) الارشاد: 2 / 281 ـ 287 وعنه فی اعلام الورى: 2 / 101 ـ 105، وفی کشف الغمة: 3 / 143 ـ 147.