جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

الواثق ومحنة خلق القرآن

زمان مطالعه: 2 دقیقه

وامتحن الواثق الناس فی قضیة خلق القرآن فکتب إلى القضاة أن یفعلوا ذلک فی سائر البلدان وأن لا یجیزوا إلاّ شهادة من قال بالتوحید، فحبس بهذا السبب عالماً کثیراً.

وفی سنة احدى وثلاثین [بعد المائتین] ورد کتاب إلى أمیر البصرة یأمره أن یمتحن الأئمة والمؤذنین بخلق القرآن، وکان قد تبع أباه فی ذلک ثم رجع فی آخر أمره.

وفی هذه السنة قتل احمد بن نصر الخزاعی وکان من اهل الحدیث وقد استفتى الواثق جماعة من فقهاء المعتزلة بقتله فأجازوا له ذلک، وقال: إذا قمت إلیه فلا یقومن أحد معی فإنی أحتسب خطای إلى هذا الکافر الذی یعبد رباً لا نعبده ولا نعرفه بالصفة التی وصفه بها، ثم أمر بالنطع فأجلس علیه وهو مقید فمشى إلیه فضرب عنقه، وأمر بحمل رأسه إلى بغداد فصلب بها، وصلبت جـثته فی سرّ من رأى، واستمر ذلک ست سنین إلى ان ولی المتوکل فأنزله ودفنه، ولما صلب کتب ورقة وعلقت فی أذنه فیها: «هذا رأس احمد ابن نصر بن مالک دعاه عبد الله الإمام هارون إلى القول بخلق القرآن ونفی التشبیه فأبى إلاّ المعاندة فعجله الله إلى ناره» ووکل بالرأس من یحفظه.

وفی هذه السنة استفک من الروم الفاً وستمائة أسیر مسلم فقال ابن داود ـ قبحه الله ـ ! من قال من الاسارى «القرآن مخلوق» خلصوه واعطوه

دینارین ومن امتنع دعوه فی الاسر(1)

قال الخطیب: کان احمد بن أبی داود قد استولى على الواثق وحمله على التشدد فی المحنة ودعا الناس إلى القول بخلق القرآن.

ومن جملة من شملهم ظلم الواثق أبو یعقوب بن یوسف بن یحیى البوطی صاحب الشافعی الذی مات سنة (231 هـ) محبوساً فی محنة الناس بالقرآن، ولم یجب إلى القول بأنه مخلوق وکان من الصالحین(2)

وجیء بأبی عبدالرحمن عبدالدین محمد الآذرمی (شیخ أبی داود والنسائی) مقیّداً الى الواثق وابن أبی داود حاضر، فقال له: أخبرنی عن هذا الرأی الذی دعوتم الناس إلیه، أعلمه رسول الله(صلى الله علیه وآله) فلم یَدعُ الناس إلیه أم شیء لم یعلمه؟ فقال ابن أبی داود: بل علمه. فقال: فکان یسعه أن لا یدعو الناس إلیه وأنتم لا یسعکم؟ قال: فبهتوا وضحک الواثق وقام قابضاً على فمه ودخل بیتاً ومدّ رجلیه وهو یقول: وسع النبی(صلى الله علیه وآله) أن یسکت عنه ولا یسعنا! فأمر له أن یعطى ثلاثمائة دینار وأن یرد الى بلده ولم یمتحن أحداً بعدها ومقت ابن أبی داود من یومئذ.

وعن یحیى بن أکثم: ما أحسن أحد الى آل أبی طالب ما أحسن إلیهم الواثق، ما مات وفیهم فقیر(3)


1) یراجع تاریخ الیعقوبی: 2 / 482 ـ 483، وتاریخ الخلفاء: 401.

2) تاریخ ابن الوردی: 1 / 335.

3) تاریخ الخلفاء: 342.