جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

المعتمد

زمان مطالعه: 2 دقیقه

بایع الناس المعتمد العباسى، و ما خلت ایامه من اضطرابات و حروب داخلیة، من الخوارج، و صاحب الزنج، و اضیف الیهم یعقوب بن اللیث الصفار الذى تمرد – أیضا – على النظام و تبعه جماعة کثیرة، و اظهروا أنواع الفساد فى الأماکن و المناطق التى وصلوا الیها مما یطول الکلام بذکره.

و هکذا هجم النصارى على البلاد الاسلامیة، فکانت الدماء – هنا و هناک تراق، و النفوس تزهق حرقا و غرقا، و الأموال تنهب، و النساء تسلب، و الأطفال المساکین کانوا لا ینجون من شرور تلک الحوادث.

و عاش المعتمد الى سنة تسع و سبعین و مائتین، و فى یوم من الأیام شرب المعتمد شرابا کثیرا، و تعشى فأکثر فمات لیلا، و انتهت حیاته بشرب الخمور و الافراط من الأکل.

نقلنا هذه الحوادث من تاریخ الطبرى مع الاختصار و التلخیص (1).

و سوف تقرأ فى هذا الکتاب ان المعتمد تضرع الى الامام العسکرى (علیه‏السلام) و سأله أن یدعو له أن یبقى فى الحکم عشرین سنة، لأنه رأى من سبقه من أسلافه من الحکام العباسیین کیف کانت أیام حکمهم قصیرة، و کیف خلعوا و قتلوا شر قتله؟!

فدعا له الامام العسکرى (علیه‏السلام) و استجاب الله دعاء الامام (2)، فکان جزاؤ الامام من المعتمد أن قام بما قام ضد الامام العسکرى من الحبس

و الاهانة، و اخیرا دس الیه السم و قتله فى ریعان شبابه، و غضارة عمره؛ أقول: انما تطرقنا الى ذکر هؤلاء الحکام المعاصرین للامام العسکرى (علیه‏السلام) حتى یظهر للقارى‏ء الذکى ان الامام العسکرى کان یعیش تحت سیطرة الحکومات التى کانت بمعزل عن الدین و انما کان همهم و همتهم اشباع غرائزهم، و امتصاص دماء شعوبهم، و تسلیم امور المسلمین الى النصارى أو أمثالهم ممن لا یعبأون بالاسلام و لا بالمسلمین.

و فى تلک الظروف مع تلک الاضطرابات الداخلیة، و الحروب الدامیة کان الحکام العباسیون لا ینفکون من ایذاء الأئمة الطاهرین (علیهم‏السلام) و لا یهتمون بعواطف الشعب، و کرامة المجتمع، و لا یغیثون من استغاث بهم من ظلم الولاة، و لا یفسحون المجال للناس أن یرفعوا شکاواهم و ظلامتهم الى السلطة؛ و اما الملاهى و المناهى و المنکرات فقد أصبحت مباحة عندهم، و قصورهم کانت تشبه حانات الخمارین و الخلافة الاسلامیة انقلبت الى ملوکیة مترفة، یحیط بها الفجور و الدعارة؛ اذن، فمن الطبیعى ان ینتشر – بین الناس – التذمر و الانزجار من السلطة، و عن کل من یدور فى فلکهم، فأنتجت تلک الأعمال استیاءا عاما فى شرق الأرض و غربها من البلاد التى کانت تحت سیطرتهم؛ و لهذا کان اذا قام أحد ضد السلطة ثائرا اتبعه خلق کثیر من الناس؛ و الا، فکیف استطاع صاحب الزنج أو یعقوب الصفار، أو الخوارج أو أمثالهم أن یثوروا ضد النظام، و یجدوا التجاوب و التعاون من الناس؟

و ان کانت تلک الثورات تبوء بالفشل، ولکن بعد اراقة دماء الآلاف من الناس و زهق الأرواح و نهب الأموال، و تدمیر المساکن و غیر ذلک من المفاسد التى عم شرها و شؤمها أکثر طبقات الناس؛ و من الواضح: ان الخط الشیعى – الذى لم یعترف بتلک الأنظمة من أول

یوم – کان یزداد غیظا و حنقا على تلک الأنظمة، بسبب مواقفها العدائیة لأهل البیت (علیهم‏السلام) بصورة عامة و للأئمة الطاهرین بصورة خاصة؛ و کانوا یعیشون حیاة الخوف و الضغط و الحرمان بسبب انتمائهم الى الأئمة الطاهرین و تعاطفهم معهم؛ و ستقرأ – فى هذا الکتاب – شیئا عن هذه القضایا بالرغم من کونها ملخصة و موجزة.


1) تاریخ الطبرى ج 7.

2) بناء على صحة الحدیث، لعل الحکمة فى دعاء الامام (علیه‏السلام) للمعتمد بطول العمر اتمام الحجة علیه لانه کان یعتقد بأن دعاء الامام مستجاب، فاذا امتنع الامام عن الدعاء له فلعله کان یبرر قتل الامام بسبب امتناعه عن الدعاء له.