قیل ان السبب فى کرب قبر الحسین ان بعض المغنیات کانت تبعث بجواریها الیه قبل الخلافة یغنین له اذا شرب فلما ولیها بعث الى تلک المغنیة فعرف انها غائبة و کانت قد زارت قبر الحسین و بلغها خبره فأسرعت الرجوع و بعثت الیه بجاریة من جواریها کان یألفهافقال لها: این کنتم؟ قالت: خرجت مولاتى الى الحج و اخرجتنا معها و کان ذلک فى شعبان فقال: الى این حججتم فى شعبان؟ قالت:
الى قبر الحسین فاستطیر غضبا و امر بمولاتها فحبست و استصفى املاکها و بعث برجل من اصحابه یقال له الدیزج و کان یهودیا فاسلم الى قبر الحسین و امره بکرب قبره و محوه و اخراب کل ماحوله فمضى لذلک و ضرب ماحوله و هدم البناء و کرب ماحوله نحو مائتى جریب فلما بلغ الى قبره لم یتقدم الیه احد فاحضر قوما من الیهود فکربوه و اجرى الماء حوله و وکل به مسالح بین کل مسلحتین میل لایزوره زائر الا اخذوه و وجهوا به الیه.
من هذه الروایة نستشف النقاط التالیة: –
1) محاولة الحکومة اختلاق اسباب کاذبة لتسویغ هدم و کرب قبر الحسین (ع) و ما ذکر فى الروایة یفید السلطة فى ناحیتین هما:
أ) خلق بلبلة فکریة عند الناس تقصد عدم تبیان الاهداف الحقیقیة لعملیة الهدم و المحاربة.
ب) محاولة تشویه سمعة زوار الحسین.
2) ینبغى ان یلاحظ ان المتکفل بهدم القبر الشریف و محو اثره رجل یهودى اسمه الدیزج اظهر الاسلام لغایات خبیثة فى نفسه و قد برزت بعمله الاثم.
3) ضرب زوار الحسین بالقوة المسلحة و هذا واضح من وضع المسالح على الطریق لاخذ زوار الحسین و عقابهم زمن المتوکل.
4) و لم یقبل المسلمون هذه السیاسة المعادیة للحسین فظهرت انواع المقاومة ضدها و من نماذجها: –
أ) الکتابة المضادة له على الحیطان و المساجد.
ب) ذم الشعراء له.
فقد روى «کان المتوکل معروفا بالتعصب فتألم المسلمون من ذلک و کتب اهل بغداد شتمه على الحیطان و المساجد و هجاه الشعراء فمما قیل فى ذلک: –
بالله ان کانت امیة قد أتت++
قتل ابن بنت نبیها مظلوما
فلقد اتاه بنو ابیه بمثله++
هذا لعمرى قبره مهدوما
اسفوا على ان لایکونوا شارکوا++
فى قتله فتتبعوه رمیما»(1)
ج) استمرار الشیعة بالزیارة مع کل الضغوط الموجودة و التضحیات اللازمة «حدثنى محمد بن الحسین الاشنانى قال: بعد عهدى بالزیارة فى تلک الایام خوفا ثم عملت على المخاطرة بنفسى
فیها و ساعدنى رجل من العطارین على ذلک فخرجنا زائرین نکمن النهار و نسیر اللیل حتى اتینا نواحى الغاضریة و خرجنا منها نصف اللیل فسرنا بین مسلحین و قد ناموا حتى اتینا القبر»(2)
1) تاریخ الخلفاء ص 347.
2) مقاتل الطالبیین ص 396.