و من جملة الفرق الضالة و المضلة التى ظهرت فى القرن الثانى و أخذت تغرى الناس بسبب زهدها الکاذب هى الصوفیة المبتدعة، فحذر الامام علیهالسلام أصحابه من التقرب الیهم و التأثر بأفکارهم و أظهر براءته منهم حینما رأهم مجتمعون حول أبىهاشم الجعفرى فى مسجد رسول الله صلى الله علیه و آله.
قال فى ذرایع البیان: و فى روایة ابن حمزة و السید المرتضى عن الشیخ المفید، باسناده عن محمد بن الحسین بن أبىالخطاب، أنه قال: کنت مع الهادى على بن محمد علیهالسلام فى مسجد المدینة فأتاه جماعة من أصحابه، منهم أبوهاشم
الجعفرى و کان رجلا بلیغا و کانت له منزلة عظیمة عنده ثم دخل المسجد جماعة من الصوفیة و جلسوا فى جانبه حلقه مستدیرة، ثم أخذوا بالتهلیل، فقال: لا تلتفتوا الى هؤلاء الخداعین، فانهم خلفاء الشیاطین، و مخربوا قواعد الدین، یتزهدون لراحة الأجسام، و یتهجدون لتقیید الأنام و یتجوعون عمرا حتى یذبحوا للأیکاف حمرا، لا یهللون الا لغرور الناس و لا یقللون الغذاء الا للالتباس و الاختلاف، أورادهم الرقص و التصدیة و أذکارهم الترنم و التغنیة، فلا یتبعهم الا السفهاء، و لا یعتقد بهم الا الحمقاء، فمن ذهب الى زیارة واحد منهم حیا أو میتا فکأنما ذهب الى زیارة الشیطان و عبادة الأوثان، و من أعان أحدا منهم فکأنما أعان یزید معاویة بن أبىسفیان.
فقال رجل من أصحابه، و ان کان معترفا بحقوقکم؟
قال: فنظر الیه شبه المغضب و قال: دع ذا، من اعترف بحقوقنا لم یذهب فى عقوقنا، أما تدرى ان أخس الطوائف الصوفیة، و الصوفیة کلهم من مخالفینا، طریقتهم مغایرة لطریقتنا، و ان هم الأنصارى و مجوس هذه الأمة، اولئک یهجدون فى اطفاء نور الله و الله متم نوره و لو کره الکافرون.(1)
1) ذاریع البیان، ج 2، ص 37، حدیقة الشیعة، ص 602.