لم یرد من الامام الهادى علیهالسلام بالنسبة الى المستعین شىء یذکر طیلة السنوات الأربع التى تولى فیها الخلافة و أظن أنه کان ضعیفا فى الغایة، أو لم یتعرض الى الامام بشىء أو کانت و لکن لم ینقل الینا ما جرى بینه و بین الامام الهادى علیهالسلام.
نعم ذکر المؤرخون أنه کانت له بغلة عاصیة فطلب من الامام أن یرکبها علما
بأنه سیقتل اثر الرکوب على البغلة. و لکن فى هذه القصة اشکال بحسب التاریخ حیث ان فیها اسم المستعین من جهة و فیها أیضا اسم الامام الحسن العسکرى من جهة اخرى و هما غیر معاصر ان فاما أن نقول هذه القصة کانت للمستعین و لکن النساخ أو الراوى غلط فى الأسم و أثبت اسم الامام الحسن العسکرى بدل أبىالحسن العسکرى، و اما أن نقول ان القصة اتفقت للمعتز أو لما بعده من الخلفاء، لا المستعین. یحتمل أن یقال انه طلب من الامام الحسن العسکرى ذلک مع وجود والده الهادى علیهالسلام، قلنا و هذا أیضا مردود لأن الامام العسکرى ما کان یعرفه أحد حتى الطالبیین الساکنین فى سامراء فکیف بالمستعین.
و أما القصه فکما ذکرناها فى کتابنا حیاة الامام العسکرى(1) کما یلى:
روى العلامة المجلسى عن المناقب و الخرایج عن أحمد بن الحرث القزوینى قال: کنت مع أبى بسر من رأى، و کان أبى یتعاطى البیطرة فى مربط أبىمحمد و کان عند المستعین بغل – لم یر مثله حسنا و کبرا – و کان یمنع ظهره و اللجام. و جمع الرواض فلم تکن لهم حیلة فى رکوبه، فقال له بعض ندمائه: ألا تبعث الى الحسن بن الرضا حتى یجىء، فاما أن یرکبها و أما أن یقتله! فبعث الى أبىمحمد الحسن و مضى معه أبى. فلما دخل الدار نظر أبومحمد علیهالسلام الى البغل واقفا فى صحن الدار، فوضع یده على کتفه فعرق البغل، ثم صار الى المستعین فرحب به و قال: ألجم هذا البغل.
فقال أبومحمد لأبى ألجمه.
فقال المستعین: ألجمه أنت یا أبامحمد، فقام أبومحمد فوضع طیلسانه فألجمه، ثم رجع الى مجلسه فقال: یا أبامحمد أسرجه.
فقال أبومحمد لأبى: أسرجه
فقال المستعین: أسرجه أنت یا أبامحمد.
فقام أبومحمد ثانیة فأسرجه و رجع.
فقال: ترى أن ترکبه.
قال نعم، فرکبه أبومحمد علیهالسلام من غیر أن یمتنع، ثم رکضه فى الدار، ثم حمله على الهملجة، فمشى أحسن مشى ثم نزل فرجع الیه.
فقال المستعین: قد حملک علیه أمیرالمؤمنین.
فقال أبومحمد علیهالسلام لأبى: خذه، فأخذه وقاده.(2)
1) انظر حیاة الامام العسکرى، ص 129.
2) بحارالأنوار، ج 50، ص 265 عن المناقب، ج 4، ص 438، و رواه عن الأرشاد، ص 341.