ثقة، عده الشیخ و البرقى من أصحاب الامام العسکرى (علیهالسلام).
و للامام العسکرى (علیهالسلام) رسالة مفصلة الى اسحاق بن اسماعیل، رواها الکشى:
«یا اسحاق بن اسماعیل، سترنا الله و ایاک بستره، و تولاک فى جمیع امورک بصنعه، قد فهمت کتابک، یرحمک الله.
و نحن – بحمدلله و نعمته – أهل بیت نرق على موالینا، و نسر بتتابع احسان الله الیهم، و فضله لدیهم، و نعتد بکل نعمة أنعمها الله – عزوجل – علیهم.
فأتم الله علیکم بالحق – و من کان مثلک ممن قد رحمه الله، و بصره بصیرتک، و نزع عن الباطل، و لم یقم فى طغیانه – نعمه.
فان تمام النعمة دخولک الجنة، و لیس من نعمة و ان جل أمرها، و عظم خطرها الا و الحمدلله – تقدست اسماؤه – علیه مؤدى شکرها.
و أنا أقول: الحمدلله مثل ما حمدالله به حامد الى أبد الأبد، بما من به علیک من نعمته، و نجاک من الهلکة، و سهل سبیلک على العقبة.
و أیم الله، انها لعقبة کؤود، شدید أمرها، صعب مسلکها عظیم بلاؤها، طویل عذابها، قدیم فى الزبر الاولى ذکرها؛
و لقد کانت منکم امور فى أیام الماضى (أى الامام الهادى) علیهالسلام، الى أن مضى لسبیله، صلى الله على روحه.
و فى أیامى – هذه – کنتم فیها غیر محمودى الرأى، و لا مسددى التوفیق.
و اعلم – یقینا – یا اسحاق: أن من خرج من هذه الحیاة الدنیا أعمى، فهو فى الآخرة أعمى و أضل سبیلا؛
انها – یابن اسماعیل – لیس تعمى الأبصار، ولکن تعمى القلوب التى فى الصدور و ذلک قول الله عزوجل فى محکم کتابه: للظالم: «رب لم حشرتنى أعمى، و قد کنت بصیرا» قال الله عزوجل: «کذلک أتتک أیاتنا فنسیتها، و کذلک الیوم تنسى».
و أیة آیة – یا اسحاق – اعظم من حجة الله – عزوجل – على خلقه، و أمینه فى بلاده، و شاهده على عباده من بعد ما سلف من آبائه الأولین من النبیین، و آبائه الآخرین من الوصیین (علیهمالسلام أجمعین و رحمة الله و برکاته)؟
فاین یتاه بکم؟، و أین تذهبون کالأنعام على وجوهکم؟ عن الحق
تصدفون، و بالباطل تؤمنون، و بنعمة الله تکفرون أو تکذبون؟؟
فمن یؤمن ببعض الکتاب، و یکفر ببعض، فما جزاؤه من یفعل ذلک منکم و من غیرکم: الا خزى فى الحیاة الدنیا الفانیة، و طول عذاب فى الآخرة الباقیة، و ذلک – والله – الخزى العظیم.
ان الله – بفضله و منه – لما فرض علیکم الفرائض، لم یفرض ذلک علیکم لحاجة منه الیکم، بل برحمة منه – لا اله الا هو – علیکم، لیمیز الخبیث من الطیب، و لیبتلى الله ما فى صدور کم، و لیمحص ما فى قلوبکم، و لتتسابقوا الى رحمته، و تتفاضل منازلکم فى جنته؛
ففرض علیکم الحج و العمرة، و اقام الصلاة و ایتاء الزکاة، و الصوم و الولایة، و کفاهم (1) لکم بابا لتفتحوا أبواب الفرائض، و مفتاحا الى سبیله.
و لولا محمد رسول الله (صلى الله علیه و آله) و الأوصیاء من بعده، لکنتم حیارى کالبهائم، لا تعرفون فرضا من الفرائض، و هل یدخل قریة الا من بابها؟
فلما من الله علیکم باقامة الأولیاء – بعد نبیه محمد (صلى الله علیه و آله) – قال الله عزوجل – لنبیه: «الیوم أکملت لکم دینکم، و أتممت علیکم نعمتى، و رضیت لکم الاسلام دینا» (2).
و فرض علیکم لأولیائه حقوقا أمرکم بأدائها الیهم، لیحل ما وراء ظهورکم: من أزواجکم و أموالکم، و مآکلکم، و مشاربکم، و معرفتکم بذلک النماء و البرکة و الثروة، و لیعلم من یطیعه منکم بالغیب.
قال الله عزوجل: «قل لا اسألکم علیه أجرا الا المودة فى القربى» (3).
و اعلموا: أن من یبخل فانما یبخل على نفسه، و ان الله هو الغنى، و أنتم الفقراء الیه، لا اله الا هو.
و لقد طالت المخاطبة فیما بیننا و بینکم، فیما هو لکم و علیکم، فلولا ما نحب (یجب خ ل) من تمام النعمة من الله (عزوجل) علیکم لما أتاکم منى خط (4)، و لا سمعتم منى حرفا، من بعد الماضى (علیهالسلام).
أنتم فى غفلة عما الیه معادکم، و من بعد الثانى (5) رسولى، و ما ناله منکم، حین أکرمه الله بمصیره الیکم، و من بعد اقامتى لکم ابراهیم بن عبده (وفقه الله لمرضاته و أعانه على طاعته) و کتابى الذى حمله محمد بن موسى النیسابورى، والله المستعان على کل حال.
و انى أراکم مفرطین (6) فى جنب الله، فتکونون من الخاسرین، فبعدا، و سحقا لمن رغب عن طاعة الله، و لم یقبل مواعظ أولیائه، و قد أمرکم الله – جل و عز – بطاعته لا اله الا هو، و طاعة رسوله (صلى الله علیه و آله) و بطاعة اولى الأمر (علیهمالسلام) فرحم الله ضعفکم، و قلة صبرکم عما أمامکم.
فما أغر الانسان بربه الکریم و استجاب الله دعائى فیکم، و أصلح امورکم على یدى، فقد قال الله – عزوجل -: «یوم ندعوا کل اناس بامامهم» (7) و قال تعالى: «و کذلک جعلناکم امة وسطا لتکونوا شهداء على الناس، و یکون الرسول علیکم شهیدا» (8) و قال الله تعالى: «کنتم خیر امة اخرجت للناس، تأمرون بالمعروف، و تنهون عن المنکر» (9).
فما احب أن یدعو الله بى و لا بمن هو فى أیامى (آبائى) الا حسب رقتى علیکم، و ما أنطوى لکم علیه من حب بلوغ الأمل فى الدارین جمیعا، و الکینونة معنا فى الدنیا و الآخرة.
فقد – یا اسحاق: یرحمک الله، و یرحم من هو وراءک – بینت لکم بیانا، و فسرت لکم تفسیرا، و فعلت بکم فعل من لم یفهم هذا الأمر قط، و لم یدخل
فیه طرفة عین.
ولو فهمت الصم الصلاب بعض ما فى هذا الکتاب لتصدعت قلقا، و خوفا من خشیة الله، و رجوعا الى طاعة الله عزوجل؛
فاعملوا من بعده ما شئتم، فسیرى الله عملکم و رسوله و المؤمنون، و ستردون (10) الى عالم الغیب و الشهادة، فینبئکم بما کنتم تعملون، و العاقبة للمتقین، و الحمدلله رب العالمین.
و أنت رسولى – یا اسحاق – الى ابراهیم بن عبده (وفقه الله) أن یعمل بما ورد علیه فى کتابى، مع محمد بن موسى النیسابورى، ان شاء الله.
و رسولى (أى و انت رسولى) الى نفسک، و الى کل من خلفت ببلدک، أن یعملوا بما ورد علیکم فى کتابى مع محمد بن موسى ان شاء الله.
و یقرأ ابراهیم بن عبده، کتابى هذا على من خلفه ببلده، حتى لایسألونى و بطاعة الله یعتصمون، و الشیطان بالله من أنفسهم یجتنبون، و لا یطیعون.
و على ابراهیم بن عبده، سلام الله و رحمته، و علیک – یا اسحاق – و على موالى السلام کثیرا، سددکم الله جمیعا بتوفیقه.
و کل من قرأ کتابنا هذا من موالى، من أهل بلدک، و من هو بناحیتکم، و نزع عما هو علیه من الانحراف عن الحق، فلیؤد حقنا (حقوقنا خ ل) الى ابراهیم بن عبده، و لیحمل ذلک ابراهیم بن عبده الى الرازى (رضى الله عنه) أو الى من یسمى له الرازى، فان ذلک عن أمرى و رأیى، ان شاء الله.
و یا اسحاق: اقرأ کتابنا على البلالى (رضى الله عنه) فانه الثقة، المأمون العارف بما یجب علیه، و اقرأه على المحمودى (عافاه الله) فما أحمدنا له لطاعته.
فاذا وردت بغداد فاقرأه على الدهقان: وکیلنا، و ثقتنا، و الذى یقبض من موالینا؛
و کل من أمکنک من موالینا فأقرأهم هذا الکتاب، و ینسخه من أراد منهم
نسخه ان شاء الله تعالى، و لا یکتم – ان شاء الله – أمر هذا عمن شاهده من موالینا، الا من شیطان یخالف کلم؛
فلا تنثرن الدر بین أظلاف الخنازیر، و لا کرامة لهم.
و قد وقعنا فى کتابک بالوصول و الدعاء لک، و لمن شئت، و قد أجبنا سعیدا (شیعتنا خ ل) عن مسألته (عن مسألة خ ل) و الحمدلله.
فما بعد الحق الا الضلال، فلا تخرجن من البلد، حتى تلقى العمرى (رضى الله برضائى عنه) فتسلم علیه، و تعرفه و یعرفک، فانه الطاهر الأمین، العفیف، القریب منا و الینا.
فکل ما یحمل الینا من شىء من النواحى فالیه یصیر آخر أمره، لیوصل ذلک الینا، و الحمدلله کثیرا.
سترنا الله و ایاکم – یا اسحاق – بستره، و تولاک فى جمیع امورک بصنعه، و السلام علیک و على جمیع موالى، و رحمة الله و برکاته، و صلى الله على سیدنا محمد النبى، و آله، و سلم کثیرا.
1) و فى نسخة: و جعل لکم بابا، و فى نسخة: و کفا بهم بابا.
2) المائدة 3:5.
3) الشورى 42: 23.
4) و فى نسخة: لما أریتکم لى خطا.
5) و فى نسخة: (النابى).
6) و فى نسخة: تفرطون.
7) الاسراء 7: 71.
8) البقرة 2: 143.
9) آل عمران 3: 110.
10) ثم تردون خ ل.