جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

استجابة دعائه

زمان مطالعه: 2 دقیقه

وقد ذکرت بوادر کثیرة من استجابة دعاء الإمام (علیه السلام) عند الله کان منها:

1 ـ ما رواه المنصوری عن عمّ أبیه، قال: قصدت الإمام علیّاً الهادی، فقلت له: یا سیّدی ان هذا الرجل ـ یعنی المتوکّل ـ قد اطرحنی، وقطع رزقی، وملّنی وما اُتّهم به فی ذلک هو علمه بملازمتی بک، وطلب من الإمام التوسّط فی شأنه عند المتوکّل، فقال (علیه السلام): تُکفى إن شاء الله، ولما صار اللیل طرقته رسل المتوکل فخفّ معهم مسرعاً إلیه، فلما انتهى إلى باب القصر رأى الفتح واقفاً على الباب فاستقبله وجعل یوبّخه على تأخیره ثم أدخله على المتوکّل فقابله ببسمات فیّاضة بالبشر قائلاً: یا أبا موسى تنشغل عنّا، وتنسانا؟! أی شیء لک عندی؟

وعرض الرجل حوائجه وصِلاته التی قطعها عنه، فأمر المتوکّل بها وبضعفها له، وخرج الرجل مسروراً.

وانصرف الرجل فتبعه الفتح فأسرع إلیه قائلاً:

لست أشکّ أنک التمست منه ـ أی من الإمام ـ الدعاء، فالتمس لی منه الدعاء.

ومضى میمّماً وجهه نحو الإمام (علیه السلام) فلمّا تشرّف بالمثول بین یدیه

قال(علیه السلام) له: یا أبا موسى هذا وجه الرضا.

فقال الرجل بخضوع: ببرکتک یا سیّدی، ولکن قالوا لی: إنّک ما مضیت إلیه ولا سألته.

فأجابه الإمام ببسمات قائلاً: ان الله تعالى علم منّا أنّا لا نلجأ فی المهمات إلاّ إلیه، ولا نتوکّل فی الملمّات إلاّ علیه، وعوّدنا إذا سألناه الإجابة، ونخاف أن نعدل فیعدل بنا.

وفطن الرجل إلى ان الإمام قد دعا له بظهر الغیب، وتذکّر ما سأله الفتح فقال: یا سیّدی ان الفتح یلتمس منک الدعاء.

فلم یستجب الإمام له وقال: ان الفتح یوالینا بظاهره، ویجانبنا بباطنه، الدعاء انّما یدعى له إذا أخلص فی طاعة الله، واعترف برسول الله(صلى الله علیه وآله) وبحقّنا أهل البیت(1)

2 ـ روی أن علیّ بن جعفر کان من وکلاء الإمام (علیه السلام) فسعی به إلى المتوکّل فحبسه، وبقی فی ظلمات السجون مدّة من الزمن، وقد ضاق به الأمر فتکلّم مع بعض عملاء السلطة فی إطلاق سراحه، وقد ضمن أن یعطیه عوض ذلک ثلاثة آلاف دینار، فأسرع إلى عبید الله وهو من المقرّبین عند المتوکّل، وطلب منه التوسّط فی شأن علیّ بن جعفر، فاستجاب له، وعرض الأمر على المتوکل، فأنکر علیه ذلک وقال له:

لو شککت فیک لقلت: إنّک رافضی، هذا وکیل أبی الحسن الهادی وأنا على قتله عازم.

وندم عبید الله على التوسّط فی شأنه، وأخبر صاحبه بالأمر، فبادر إلى علیّ بن جعفر وعرّفه أن المتوکّل عازم على قتله ولا سبیل إلى إطلاق

سراحه، فضاق الأمر بعلیّ بن جعفر، فکتب رسالة إلى الإمام جاء فیها:

«یا سیّدی الله الله فیَّ، فقد خفت أن أرتاب، فوقّع الإمام على رسالته: «أمّا إذا بلغ بک الأمر ما أرى فسأقصد الله فیک»، وأصبح المتوکّل محموماً دنفاً، وازدادت به الحمّى فأمر باطلاق جمیع المساجین، وأمر بإطلاق سراح علی بن جعفر بالخصوص، وقال لعبیدالله: لِمَ لَمْ تعرض علیَّ اسمه ؟ فقال:

لا أعود إلى ذکره أبداً، فأمره بأن یخلّی عنه، وأن یلتمس منه أن یجعله فی حلّ مما ارتکبه منه، وأطلق سراحه، ثم نزح إلى مکّة فأقام بها بأمر من الإمام»(2)

هذه بعض البوادر التی ذکرها الرواة من استجابة دعاء الإمام، ومن المؤکّد ان استجابة الدعاء لیس من عمل الانسان وصنعه، وانّما هو بید الله تعالى فهو الذی یستجیب دعاء من یشاء من عباده، ومما لا شبهة فیه ان لأئمّة أهل البیت(علیهم السلام) منزلة کریمة عنده تعالى لأنّهم أخلصوا له کأعظم ما یکون الاخلاص، وأطاعوه حقّ طاعته وقد خصّهم تعالى باستجابة دعائهم کما جعل مراقدهم الکریمة من المواطن التی یستجاب فیها الدعاء(3)


1) أمالی الطوسی: 285 ح 555 وعنه فی بحار الأنوار: 50 / 127 وفی المناقب: 4 / 442.

2) رجال الکشی: 606 ح 1129 وعنه فی بحار الأنوار: 50 / 183.

3) راجع حیاة الإمام علی الهادی: 42 ـ 62.